التفاسير

< >
عرض

مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ
٤
ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٥
-الأحزاب

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه: أي لم يخلق الله رجلاً بقلبين كما ادعى بعض المشركين.
تظاهرون منهن أمهاتكم: يقول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي.
وما جعل أدعياءكم أبناءكم: أي ولم يجعل الدعيَّ إبناً لمن ادّعاه.
ذلكم قولكم بأفواهكم: أي مجرد قول باللسان لا حقيقة له في الخارج فلم تكن المرأة أماً ولا الدعي ابنا.
هو أقسط عند الله: أي أعدل.
فإخوانكم في الدين ومواليكم: أي أُخوة الإِسلام وبنو عمكم فمن لم يعرف أبوه فقولوا له: يا أخي أو ابن عمي.
ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به: أي لا حرج ولا إثم في الخطأ، فمن قال للدعي خطأ يا ابن فلان فلا إثم عليه.
ولكن ما تعمدت قلوبكم: أي الاثم والحرج في التعمد بأن ينسب الدعي لمن ادعاه.
وكان الله غفوراً رحيما: ولذا لم يؤاخذكم بالخطأ ولكن بالتعمد.
معنى الآيات:
لما كان القلب محط العقل والإِدراك كان وجود قلبين في جوف رجل واحد يحدث تعارضاً يؤدي إلى الفساد في حياة الإِنسان ذي القلبين لم يجعل الله تعالى لرجل قلبين في جوفه كما ادعى بعض أهل مكة أن أبا معمر جميل بن معمر الفهري كان له قلبان لما شاهدوا من ذكائه ولباقته وحذقه وغره ذلك فقال إن لي قلبين أعقل بهما أفضل من عقل محمد صلى الله عليه وسلم فكانت الآية رداً عليه قال تعالى { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } وفيه إشارة إلى أنه لا يجمع بين حب الله تعالى وحب أعدائه وطاعة الله وطاعة أعدائه، وقوله، { وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } أي لم يجعل الله تعالى المرأة المظاهر ومنها أُماً لمن ظاهر منها كأن يقول لها أنت عليّ كظهر أُمي وكان أهل الجاهلية يعدون الظهار محُرِّماً للزوجة كالأم فأبطل الله تعالى ذلك وبيّن حكمه في سورة المجادلة، وأن من ظاهر من امرأته يجب عليه كفارة: عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.
وقوله تعالى { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ } أي لم يجعل الله الدعيّ إبناً إذ كانوا في الجاهلية وفي صدر الإِسلام يطلقون على المتبنَّي إبناً فيترتب على ذلك كامل حقوق البنوة من حرمة التزوج بامرأته إن طلقها أو مات عنها، وقوله { ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ } أي ما هو إلا نطق بالفم ولا حقيقة في الخارج له إذ قول الرجل للدعيّ أنت ولدي لم يُصيِّرة ولده وقول الزوج لزوجته أنت كأمي لم تكن أماً له. وقوله تعالى { وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ } فلا يطلق على المظاهر منها لفظ أم، ولا على الدعي لفظ ابن، { وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ } أي الأقوم والأرشد سبحانه لا إله إلا هو.
وقوله تعالى في الآية [5] من هذا السياق { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ } أي ادعوا الأدعياء لآبائهم أي انسبوهم لهم يا فلان بن فلان. فإِن دعوتهم إلى آبائهم أقسط وأعدل في حكم الله وشرعه. { فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ } فادعوهم باسم الإِخوة الإِسلامية فقولوا هذا أخي في الإِسلام. { وَمَوَالِيكُمْ } أي بنو عمكم فادعوهم بذلك فقولوا يا بن عمي وإن كان الدعي ممن حررتموه فقولوا له مولاي { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } أي إثم أو حرج { فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } من قول أحدكم للدعي يا ابن فلان لمن ادعاه خطأ لسان بدون قصد، أو ظناً منكم أنه إبنه وهو في الواقع ليس ابنه ولكن الاثم في التعمد والقصد المتعمد، وقوله { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } أي غفوراً لمن تاب رحيما لم يعاجل بالعقوبة من عصى لعله يتوب ويرجع.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1) إبطال التحريم بالظهار الذي كان في الجاهلية.
2) إبطال عادة التبنّي، وما يترتب عليها من حرمة نكاح امرأة المتبنّى.
3) وجوب دعاء الدعي المتبنَّى بأبيه إن عُرف ولو كان حماراً.
4) إن لم يعرف للمدعي أب دُعي بعنوان الإِخوة الإِسلامية، أو العمومة أو المولوية.
5) رفع الحرج والإِثم في الخطأ عموما وفيما نزلت في الآية الكريمة خصوصا وهو دعاء الدعي باسم مُدعيه سبق لسان بدون قصد، أو بقصد لأنه يرى أنه ابنه وهو ليس ابنه.