التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٥٣
وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
٥٤
وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ
٥٥
أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ
٥٦
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ
٥٧
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٨
بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ
٥٩
-الزمر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم: أي أفرطوا في الجناية عليها بالإِسراف في المعاصي.
لا تقنطوا من رحمة الله: أي لا تيأسوا من المغفرة لكم ودخول الجنة.
إن الله يغفر الذنوب جميعا: أي ذنوب من أشرك وفسق إن هو تاب توبة نصوحا.
وأنيبوا إلى ربكم: أي ارجعوا إليه بالإِيمان والطاعة.
وأسلموا له: أي أخلصوا له أعمالكم.
واتبعوا أحسن من أنزل إليكم من ربكم: أي القرآن الكريم فأحلوا حلاله وحرموا حرامه.
أن تقول نفس يا حسرتى: أي نفس الكافر والمجرم يا حسرتى أي يا ندامتي.
على ما فرطت في جنب الله: أي في جانب حق الله فلم أطعه كما أطاعه غيري.
وإن كنت لمن الساخرين: أي المستهزئين بدين الله تعالى وعباده المؤمنين.
لو أن لي كرة فأكون من المحسنين: أي لو أن لي رجعة إلى الدنيا فأكون إذاً من المؤمنين الذين أحسنوا القصد والعمل.
بلى قد جاءتك آياتي: أي ليس الأمر كما تزعم أنك تتمنَّى الهداية بل قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت.
معنى الآيات:
لقد صح أن أناسا كانوا قد أشركوا وقتلوا وزنوا فكبر عليهم ذلك وقالوا نبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسأله لنا هل لنا من توبة فإن قال: نعم، وإلا بقينا على ما نحن عليه وقبل أن يصل رسولهم نزلت هذه الآية { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } أي أفرطوا في ارتكاب الجرائم فكانوا بذلك مسرفين على أنفسهم { لاَ تَقْنَطُواْ } أي لا تيأسوا { مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } في أن يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم الجنة، إن أنتم تبتم إليه وأنبتم { إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } لمن تاب منها فإنه تعالى لا يستعصي عليه ذنب فلا يقدر على مغفرته وعدم المؤاخذة عليه إنه هو الغفور الرحيم.
وقوله تعالى: { وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } أي أيها المذنبون المسرفون أنيبوا إلى ربكم أي ارجعوا إلى طاعته بفعل المأمور وترك المنهي وأسلموا له أي أخلصوا أعمالكم ظاهراً وباطناً له مبادرين بذلك حلول العذاب قبل أن يحل بكم ثم لا تنصرون أي لا تقدرون على منعه منكم ولا دفعه عنكم.
{ وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ } في هذا القرآن العظيم فامتثلوا الأمر واجتنبوا النهي وخذوا بالعزائم واتركوا الرخص مبادرين بذلك أيضا حلول العذاب قبل أن يحل بكم بغتة أي فجأة وأنتم لا تشعرون به، بادروا بالتوبة والإِنابة والإِسلام الصادق ظرفاً تقول فيه النفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله أي يا حسرتي يا ندامتى الحاملة لي الغم والحزن احضري هذا وقت حضورك على تفريطي في جانب حق الله تعالى حيث ما عبدته حق عبادته فلا ذكرته ولا شكرت له { وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ } أي المستهزئين بدينه وعباده المؤمنين يا له من اعتراف يودي بصاحبه في سواء الجحيم، بادروا يا عباد الله هذا وذاك { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً } أي رجعة إلى الحياة الدنيا { فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي المؤمنين الذين أحسنوا النية والقصد والعمل. قال تعالى: راداً على تمنياتهم الكاذبة { بَلَىٰ } أي ليس الأمر كما زعمت أيها المتمني بقولك { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } للشرك والمعاصي التي وقعت بها في جهنم بل جاءتك آياتي هادية لك مرشدة فكذبت بها واستكبرت عن العمل بما جاء فيها وكنت من الكافرين بذلك.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان فضل الله ورحمته على عباده بقبول توبة العبد إن تاب مهما كانت ذنوبه.
2- دعوة الله الرحيم إلى عباده المذنبين - بالإنابة إليه والإِسلام الخالص له.
3- تقرير البعث والجزاء بذكر ما يحدث فيه وما يجرى في ساحته من أهوال.
4- وجوب تعجيل التوبة والمبادرة بها قبل حلول العذاب في الدنيا أو الموت والموت أدهى وأمر حيث لا تقبل توبة بعد الموت أبداً.
5- الترغيب في الأخذ بالعزائم وترك الرخص لغير ضرورة.
6- إبطال مذهب الجبرية الذين يرون أنهم مجبورون على فعل المعاصي وغشيان الذنوب، كقول أحدهم لو أن الله هداني لفعلت كذا أو تركت كذا.
7- فضل التقوى والإِحسان وفضل المتقين والمحسنين.