التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً
١٥٣
وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً
١٥٤
-النساء

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
جهرة: عيانا نشاهده ونراه بأبصارنا.
الصاعقة: صوت حاد ورجفة عنيفة صعقوا بها.
بظلمهم: بسبب ظلمهم بطلبهم ما لا ينبغي.
اتخذوا العجل: أي إلهاً فعبدوه.
فعفونا عن ذلك: أي لم يؤاخذهم به.
سلطاناً مبيناً: حجة واضحة وقدرة كاملة قهر بها أعداءه.
ورفعنا فوقهم الطور: أي جبل الطور بسيناء.
ادخلوا الباب سجداً: أي راكعين متواضعين خاشعين لله شكراً لنعمه عليهم.
لا تعدوا: لا تعتدوا أي لا تتجاوزوا ما حد لكم فيه من ترك العمل إلى العمل فيه.
ميثاقا غليظا: عهداً مؤكداً بالأَيمان.
معنى الآيتين:
لما نعى الربّ تعالى عن أهل الكتاب قولهم نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض حيث آمن اليهود بموسى وكفروا بعيسى وآمن النصارى بعيسى وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم كما كفر به اليهود أيضاً ذكر تعالى لرسوله أن اليهود إذا سألوك أن تنزل عليهم كتاباً من السماء فلا تعجب من قولهم ولا تحفل به إذ هذه سنتهم وهذا دأبهم، فإنهم قد سألوا موسى قبلك أعظم من هذا فقالوا له أرنا الله جهرة فأغضبوا الله تعالى فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون واتخذوا العجل إلهاً يعبدونه في غياب موسى عليهم، وكان ذلك منهم بعد مشاهداتهم البيّنات حيث فلق الله لهم البحر وأنجاهم وأغرق عدوهم ومع هذا فقد عفا الله عنهم، وآتى نبيهم سلطانا مبيناً، ولم يؤثر ذلك في طباعهم هذا ما تضمنته الآية الأولى [153] وهي قوله تعالى { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً }. أما الآية الثانية [154] فقد أخبر تعالى أنه رفع فوقهم الطور تهديداً لهم ووعيداً وذلك لما امتنعوا ان يتعهدوا بالعمل بما في التوراة، فلما رفع الجبل فوقهم خافوا فتعهدوا معطين بذلك ميثاقاً غير أنهم نقضوه كما سيأتي الإخبار بذلك. هذا معنى قوله تعالى { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ }، وقوله تعالى { وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً.. } كان هذا عندما دخل يوشع بن نون فتى موسى مدينة القدس فاتحاً أوحى الله تعالى إليه أن يأمر بني إسرائيل أن يدخلوا باب المدينة خاضعين متطامنين شكراً لله تعالى على نعمة الفتح فبدل أن يطيعوا ويدخلوا الباب راكعين متطامنين دخلوه زحفاً على استاههم مكراً وعناداً والعياذ بالله. وقوله: { .. وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } أي ونهيناهم عن الصيد في السبت فتعدوا نهينا وصادوا عصيانا وتمرداً، وقوله تعالى { .. وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } أي على أن يعملوا بما شرعنا لهم تحليلاً وتحريما في التوراة، ومع هذا فقد عصوا وتمردوا وفسقوا، إذاً فلا غرابة في سؤالهم إياك على رسالتك وليؤمنوا بك أن تنزل عليهم كتاباً من السماء. هذا معنى قوله تعالى في الآية [154] { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ.. } أي لا تتجاوزوا ما أحللنا لكم إلى ما حرمنا عليكم { ... وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً... }.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
1- تعنت أهل الكتاب ازاء الدعوة الإِسلامية وكفرهم بها على علم أنها دعوة حق.
2- بيان قبائح اليهود وخبثهم الملازم لهم طوال حياتهم.
3- نقض اليهود للعهود والمواثيق أصبح طبعا لهم لا يفارقهم أبداً ولذا وجب عدم الثقة في عهودهم ومواثيقهم.