التفاسير

< >
عرض

فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً
٨٤
مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً
٨٥
وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً
٨٦
-النساء

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
حرض المؤمنين: حثهم على الجهاد وحرضهم على القتال.
بأس الذين كفروا: قوتهم الحربية.
وأشد تنكيلاً: أقوى تنكيلاً والتنكيل: ضرب الظالم بقوة حتى يكون عبرة لمثله فينكل عن الظلم.
الشفاعة: الوساطة في الخير أو في الشر فإن كانت في الخير فهي الحسنة وإن كانت في الشر فهي السيئة.
كفل منها: نصيب منها.
مقيتاً: مقتدراً عليه وشاهداً عليه حافظاً له.
بتحية: تحية الإِسلام هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أو ردوها: أي يقول وعليكم السلام.
حسيباً: محاسباً على العمل مجازياً به خيراً كان أو شراً.
معنى الآيات:
ما زال السياق في السياسة الحربية ففي هذه الآية { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يأمر تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقاتل المشركين لأجل إعلاء كلمة الله تعالى بأن يعبد وحده وينتهي إضطهاد المشركين للمؤمنين وهو المراد من قوله { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } وقوله { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } أي لا يكلفك ربك إلا نفسك وحدها، أما من عداك فليس عليك تكليفه بالقتال، ولكن حرض المؤمنين على القتال معك فحثهم على ذلك ورغبهم فيه. وقوله: { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهذا وعد من الله تعالى بأن يكف بأس الذين كفروا فيسلط عليهم رسوله والمؤمنين فيبددوا قوتهم ويهزموهم فلا يبقى لهم بأس ولا قوة وقد فعل وله الحمد والمنة وهو تعالى { أَشَدُّ بَأْساً } من كل ذي بأس { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } من غيره بالظالمين من أعدائه.
هذا ما دلت عليه الآية [84] أما الآية [85] وهي قوله تعالى { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } فهو إخبار منه تعالى بأن من يشفع شفاعة حسنة بأن يضم صوته مع مطالب بحق أو يضم نفسه إلى سريّة تقاتل في سبيل الله، أو يتوسط لأحد في قضاء حاجته فإن للشافع قسطاً من الأجر والمثوبة كما أن { وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً } بأن يؤيد باطلاً أو يتوسط في فعل شر أو ترك معروف يكون عليه نصيب من الوزر، لأن الله تعالى على كل شيء مقتدر وحفيظ عليم. هذا ما دلت عليه الآية المذكورة.
أما الآية الأخيرة [86] فإن الله تعالى يأمر عباده المؤمنين بأن يردوا تحية من يحييهم بأحسن منها فإن لم يكن بأحسن فبالمثل، فمن قال: السلام عليكم فليقل الراد وعليكم السلام ورحمة الله، ومن قال السلام عليكم ورحمة الله فليرد عليه وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً } فيه تطمين للمؤمنين على أن الله تعالى يثيبهم على إحسانهم ويجزيهم به.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم بدليل أنه كلف بالقتال وحده وفعل.
2- ليس من حق الحاكم أن يجند المواطنين تجنيداً إجبارياً، وإنما عليه أن يحضهم على التجنيد ويرغبهم فيه بوسائل الترغيب.
3- فضل الشفاعة في الخير، وقبح الشفاعة في الشر.
4- تأكيد سنة التحية، ووجوب ردّها بأحسن أو بمثل.
5- تقرير ما جاء في السنة بأن السلام عليكم: يعطى عليها المسلم عشر حسنات ورحمة الله: عشر حسنات. وبركاته: عشر كذلك.