التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ
٣٠
مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ
٣١
وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ
٣٢
يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٣٣
وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
٣٤
ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
٣٥
-غافر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وقال الذي آمن: أي مؤمن آل فرعون.
مثل يوم الأحزاب: أي عذابا مثل عذاب الأحزاب وهم قوم نوح وعاد وثمود.
مثل دأب قوم نوح: أي مثل جزاء عادة من كفر قبلكم وهي استمرارهم على الكفر حتى الهلاك فهذا الذي أخافه عليكم.
يوم التناد: أي يوم القيامة وقيل فيه يوم التنادي لكثرة النداءات فيه إذْ ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار، وأصحاب النار أصحاب الجنة.
يوم تولُّون مدبرين: أي هاربين من النار إلى الموقف.
ولقد جاءكم يوسف من قبل: أي يوسف بن يعقوب الصديق بن الصديق عليهما السلام من قبل مجيء موسى إليكم اليوم.
قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا: أي قلتم هذا من دون دليل فبقيتم كافرين إلى اليوم.
كذلك يضل الله من هو مسرف: أي مثل إضلالكم هذا يضل الله من هو مسرف في الشرك والظلم.
مرتاب: أي شاك فيما قامت الحجج والبينات على صحته.
يجادلون في آيات الله بغير سلطان: أي يخاصمون في آيات الله لإِبطالها بدون سلطان أي حجة وبرهان.
كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا: أي كبر جدالهم بالباطل مقتا عند الله وعند الذين آمنوا.
كذلك: أي مثل إضلالهم يطبع الله أي يختم بالضلال على كل قلب متكبر.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم فيما دار من كلام في مجلس الحكومة، وها هو ذا مؤمن آل فرعون يتناول الكلمة بعد فرعون الذي أعاد تقرير ما عزم عليه من قتل موسى عليه السلام فقال ما أخبر تعالى به عنه في قوله: { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ } وهنا أعلن عن إيمانه الذي كان يكتمه يا قوم إني أخاف عليكم أي إن أنتم أصررتم على قتل موسى وقتلتموه { أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } وهو اليوم الذي أخذ الله فيه قوم نوح، وعاد وثمود أي أخاف عليكم جزاء عادتهم وهي استمرارهم على الكفر والشك والتكذيب حتى حلت بهم نقمة الله ونزل بهم عذابه وواصل وعظه قائلاً، { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي فارين من النار هاربين إلى الموقف وهو يوم القيامة الذي تكثر فيه النداءات والصرخات { مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } يعصمكم من العذاب وينجيكم منه. وبعد هذا الوعظ البليغ قال { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } إشارة إلى أن القوم لم يتأثروا بكلامه فقال متعزياً بعلمه بتدبير الله في خلقه فقال: { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } فإن من كتب الله عليه الضلالة ليصل إلى الشقاوة بكسبه فلا هادي له أبداً، إذ الله لا يهدي من يُضل ثم قال لهم مواصلا كلامه { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ } أي من قبل موسى وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام بالبينات والحجج الدالة على توحيد الله ووجوب طاعته، غير أنكم مع الأسف { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ } فلم تؤمنوا ولم توقنوا { حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ } أي مات عليه السلام فرحتم بموته { قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } متخرصين متقولين على الله بدون علم فأضلكم الله بكذبكم عليه { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في الكذب مثلكم { مُّرْتَابٌ } في كل شيء لا يعرف اليقين في شيء، والعياذ بالله، ثم أعلمهم أن الذين يجادلون في آيات الله يريدون إبطال الحق وإطفاء نوره بكلامهم بغير حجة لديهم ولا برهان أتاهم جدالهم ذلك أكبر مقتا أي أشد شيء يمقته الله ويبغضه من صاحبه، وكذلك عند الذين آمنوا. وختم كلامه بقوله { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ } أي كإضلال من هو مسرف مرتاب يطبع الله { عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ } أي قلب كل إنسان متكبر على الإِيمان والطاعة متجبر متعاظم يريد إجبار الناس على مراده وما يهواه. وإلى هنا انتهى كلام الرجل المؤمن والكلمة الآن إلى فرعون الطاغية وسنقرأها في الآيات التالية بعد رؤية ما في الآيات من هداية.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- قوة الإِيمان تفجر قلب المؤمن بأنواع من المعرفة والحكمة في قوله إذا قال.
2- التذكير بالأمم الهالكة إذْ العاقل من اعتبر بغيره.
3- التخويف من عذاب الآخرة وأهوال القيامة.
4- التنديد بالإِسراف والارتياب وعدم اليقين.
5- حرمة الجدال بغير علم، وأن صاحبه عرضة لمقت المؤمنين بعد مقت الله تعالى.
6- عرضة المتكبر الجبار للطبع على قلبه ويومها يحرم الهداية فلا يُهدى أبداً.