التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
١٩
حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٠
وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٢١
وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ
٢٢
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ
٢٣
فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ
٢٤
-فصلت

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
فهم يوزعون: أي يحبس أولهم ليلحق آخرهم ليساقوا إلى النار مجتمعين.
حتى إذا ما جاءوها: أي حتى إذا جاءوها أي النار.
بما كانوا يعملون: أي من الذنوب والمعاصي.
وهو خلقكم أول مرة: أي بدأ خلقكم في الدنيا فخلقكم ثم أماتكم ثم أحياكم.
وما كنتم تستترون: أي عند ارتكابكم الفواحش والذنوب أي تستخفون من أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم فتتركوا الفواحش والذنوب.
ولكن ظننتم أن الله لا يعلم: أي ولكن عند ارتكابكم الفواحش ظننتم أن الله لا يعلم ذلك منكم.
أرداكم: أي أهلككم.
فإن يصبروا فالنار مثوى لهم: أي فإن صبروا على العذاب فالنار مثوى أي مأوى لهم.
وإن يستعتبوا: أي يطلبوا العتبى وهي الرضا فلا يعتبون أي لا يرضى عنهم هذه حالهم أبداً.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في دعوة قريش إلى أصول الدين التوحيد والنبوة والبعث والجزاء وفي هذا السياق عرض لمشهد من مشاهد القيامة وهو مشهد حَيْ رائع يعرض أمامهم.
إذ يقول تعالى: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ } أي اذكر لهم يوم يحشر أعداء الله أي الذين كفروا به فلم يؤمنوا ولم يتقوا؛ إلى النار فهم يوزعون يحبس أولهم ليلحق آخرهم فيساقون مع بعضهم بعضا. حتى إذا ما جاءوها أي انتهوا إليها، وادعوا أنهم مظلومون وأخذوا يتنصَّلون من ذنوبهم، وقالوا إنهم لا يقبلون شاهداً من غير أنفسهم فيأمر الله تعالى أسماعهم وأبصارهم وجلودهم فتشهد عليهم بما كانوا يعملون، وهو قوله تعالى: { شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وهنا رجعوا إلى جلودهم يلومون عليهم ويعتبون وهو ما أخبر تعالى به في قوله: وقالوا لجلودهم { لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا } فأجابتهم جلودهم بما أخبر تعالى عنهم في هذا السياق { قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي النشأة الأولى في الدنيا ثم أماتكم ثم أحياكم { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } وها أنتم قد رجعتم فالقادر على هذا كله قادر على أن ينطقنا وعلى كل شيء أراد إنطاقه، وقوله { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ } أي وما كنتم تستخفون فتتركوا محارم الله بل كنتم تجاهرون بذلك لعدم إيمانكم بالبعث والجزاء { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ } وهو ظن سيء { أَرْدَاكُمْ } أي أهلككم { فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة وهذا هو الخسران المبين وقوله تعالى في الآية الأخيرة من هذا السياق [24] فإن يصبروا أي أعداء الله الذين شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم فالنار مثوى أي مأوى لهم لا يخرجون منها أبداً، وإن يستعتبوا أي يطلبوا العتبى أي الرضا فيرضى عنهم فيدخلوا الجنة { فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } أي فما هو بحاصل لهم أبداً فهم إذاً بشرِّ التقديرين والعياذ بالله تعالى من حال أهل النار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرض مفصل بحال أهل النار فيها.
2- التحذير من فعل الفواحش وكبائر الذنوب فإن جوارح المرء تشهد عليه.
3- التحذير من سوء الظن بالله تعالى ومن ذلك أن يظن المرء أن الله لا يطلع عليه. أولا يعلم ما يرتكبه، أو أنه لا يحاسبه أو لا يجزيه.
4- وجوب حسن الظن بالله تعالى وهو أن يرجو أن يغفر الله له إذا تاب من زلة زلها، وأن يرجو رحمته وعفوه إذا كان في حال العجز عن الطاعات ولا سيما عند العجز عن العمل للمرض والضعف كالكبر ونحوه فيغلب جانب الرجاء على جانب الخوف.