التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ
٣٣
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ
٣٤
فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
٣٥
إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ
٣٦
إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ
٣٧
هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم
٣٨
-محمد

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ولا تبطلوا أعمالكم: أي بالرياء والشرك والمعاصي.
وصدوا عن سبيل الله: أي عن الإِسلام.
فلن يغفر الله لهم: أي لأنهم ماتوا على الكفر والكفر محبط للعمل.
فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم: أي فلا تضعفوا وتدعوا إلى الصلح مع الكفار.
وأنتم الأعلون: أي الغالبون القاهرون.
ولن يتركم أعمالكم: أي ولن ينقصكم أجر أعمالكم وثوابها.
إنما الحياة الدنيا لعب ولهو: أي الاشتغال بالدنيا والتفرغ لها ما هو إلا لهو ولعب لعدم الفائدة منه.
ولا يسألكم أموالكم: أي ولا يكلفكم بإِنفاق أموالكم كلها بل بالزكاة فقط.
فيحفكم تبخلوا: أي بالمبالغة في طلبكم المال تبخلوا.
ويخرج أضغانكم: أي أحقادكم وبغضكم لدين الإِسلام.
فإِنما يبخل عن نفسه: أي عائد ذلك على نفسه لا على غيره فهو الذي يحرم الثواب.
وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم: أي عن طاعة الله وطاعة رسوله يأت بآخرين غيركم.
ثم لا يكونوا أمثالكم: أي في الطاعة أي يكونوا أطوع منكم لله ورسوله.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى الكفار ومشاقتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم نادى المؤمنين وأمرهم بطاعته وطاعة رسوله فقال يا أيها الذين آمنوا بالله ربا وبالإِسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول أي فيما يأمرانكم به وينهيانكم عنه من المعتقدات والأقوال والأعمال ولا تبطلوا أعمالكم أي وينهاهم أن يبطلوا أعمالهم بالشرك والرياء والمعاصي والمراد من إبطال الأعمال أي حرمانهم من ثوابها. ثم أعلمهم مذكرا واعظا لهم فقال إن الذين كفروا أي بالله ورسوله وصدوا عن سبيل الله أي عن الإسلام بأي سبب من الأسباب ثم ماتوا وهم كفار قبل أن يتوبوا. فهؤلاء لن يغفر الله لهم ويعذبهم العذاب المعد لأمثالهم وقوله تعالى فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ينهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يضعفوا عن قتال أعدائهم من الكافرين ويدعوا الكافرين إلى الصلح والمهادنة وهم أقوياء قادرون وهو معنى قوله وأنتم الأعلون أي الغالبون القاهرون. ولن يتركم أعمالكم أي لا ينقصكم أجر أعمالكم بل يجزيكم بها ويزيدكم من فضله وقوله { إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } هذه حقيقة وهي أن الحياة الدنيا إن أقبل عليها العبد ناسيا الدار الآخرة مقبلا على الدنيا لن تكون في حقه إلا لهواً ولعبا باعتبار أنه لم يظفر منها على طائل ولم تعد عليه بعائد خير وإسعاد كاللاعب اللاهي بشيء يلعب ويلهو فترة ثم لا يعود عليه ذلك اللعب بشيء كلعب الصبيان ولهوهم فإِنهم يلهون ويلعبون بجد ثم يعودون إلى والديهم يطلبون الطعام والشراب. وقوله وإن تؤمنوا أي الإِيمان الصحيح وتتقوا ما يغضب ربكم ويسخطه عليكم من الشرك والمعاصي يؤتكم أجوركم المترتبة على الإِيمان والتقوى. وقوله ولا يسألكم أموالكم أي ولا يطلب منكم أموالكم كلها أي كراهة إحفائكم بذلك إن يسألكموها فيحفكم أي بكثرة الإِلحاح عليكم تبخلوا إذ هذا معروف من طباع البشر أن الإِنسان إذا ألح وألحف عليه في الطلب يبخل بالمال ولم يعطه وقد يترك الإِسلام لذلك، وقوله ويخرج أضغانكم أي أحقادكم وبغضكم للدين وكراهيتكم له ولذا لم يسألكم أموالكم وقوله تعالى: { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي جزءاً من أموالكم في الزكاة أو الجهاد لا كُل أموالكم لما يعلم تعالى من شح النفس بالمال وقوله { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ } أي يمنع ومن يبخل فإِنما يبخل عن نفسه إذ هي التي حرمها أجر النفقه في سبيل الله ذات الأجر العظيم وقوله { وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ } إلى الله تعالى فهو غني عنكم لا يحضكم على النفقة لحاجته إليها ولكن لحاجتكم أنتم إليها إذ بها تزكوا نفوسكم وتقوم أموركم وتنتصروا على عدوكم وقوله وإن تتولوا أي ترجعوا عن الإسلام إلى الكفر والعياذ بالله يستبدل الله بكم قوما غيركم أي يذهبكم ويأت بآخرين ثم لا يكونوا أمثالكم بل يكونون أطوع لله تعالى منكم وأسرع امتثالا لما يطلب منهم. وحاشاهم أن يتولوا وما تولوا ولا استبدل الله تعالى بهم غيرهم. وإنما هذا من باب حثهم على معالي الأمور والأخذ بعزائمها نظرا لمكانتهم من هذه الأمة فهم أشرفها وأكملها وأطوعها لله وأحبها له ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله.
2- وجوب اتمام العمل الصالح من صلاة وغيرها بالشروع فيه.
3- بطلان العمل الصالح بالرياء أو بإِفساده عند أدائه أو بالردة عن الإِسلام.
4- حرمة الركون إلى مصالحة الأعداء مع القدرة على قتالهم والتمكن من دفع شرهم.
5- التنفير من الإِقبال على الدنيا والإِعراض عن الآخرة.
6- حرمة البخل مع الجدة والسعة.