التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ
٢٣
أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ
٢٤
مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ
٢٥
ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ
٢٦
قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ
٢٧
قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ
٢٨
مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
٢٩
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ
٣٠

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وقال قرينه: أي الملك الموكل به.
هذا ما لديّ عتيد: أي هذا عمله حاضر لديّ.
كل كفار عنيد: أي كثير الكفر والجحود لتوحيد الله وللقائه ولرسوله معاند كثير العناد.
مناع للخير معتد مريب: أي مناع للحقوق والواجبات من المال وغيره.
الذي جعل مع الله إلهاً آخر: أي أشرك بالله فجعل معه آلهة أخرى يعبدها.
ربنا ما أطغيته: أي يقول قرينه من الشياطين يا ربنا ما أطغيته أي ما حملته على الطغيان.
ولكن كان في ضلال بعيد: أي ولكن الرجل كان في ضلال بعيد عن كل هدى متوغلا في الشرك والشر.
وقد قدمت إليكم بالوعيد: أي قدمت إليكم وعيدي بالعذاب في كتبي وعلى لسان رسلي.
ما يبدل القول لديّ: أي ما يغير القول عندي وهو قوله لأملأن جهنم منكم أجمعين.
يوم نقول لجهنم هل امتلأت: أي وما الله بظلام للعبيد يوم يقول لجهنم هل امتلأت.
وتقول هل من مزيد: أي لم أمتليء هل من زيادة فيضع الجبار عليها قدمه فتقول قط قط.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر مشاهد القيامة وأحوال الناس فيها فقال تعالى { وَقَالَ قَرِينُهُ } أي قال قرين ذلك الكافر الذي جيىء به إلى ساحة فصل القضاء ومعه سائق يسوقه وشهيد يشهد عليه. قال قرينه وهو الملك الموكل به هذا ما لديّ أي من أعمال هذا الرجل الذي وكلت بحفظ أعماله وكتابتها عتيد أي حاضر. وهنا يقال لمن استحق النار { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } وهو خطاب لمن جاءا به وهما السائق والشهيد { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } فهذه خمس صفات قد اجتمعت في شخص واحد فأوبقته الأولى { كَفَّارٍ } أي كثير الكفر الذي هو الجحود لما يجب الإِيمان به والتصديق من سائر أركان الإِيمان الستة، والثانية عنيد والعنيد التارك لكل ما وجب عليه المعاند في الحق المعاكس في المعروف وهي صفة. الثالثة مناع للخير أي كثير المنع للخير مالاً كان أو غيره لا يبذل معروفاً قط، الرابعة معتدٍ أي على حدود الشرع معتد على الناس ظالم لهم بأكل حقوقهم وأذيتهم في أعراضهم وأموالهم وأبدانهم الخامسة مريب أي شاك لا يعرف التصديق بشيء من أمور الدين فهو جامع لكل أنواع الكفر وقوله { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً } وهذا وصف سادس وهو أسوأ تلك الصفات وهو اتخاذه إلهاً آخر يعبده دون الله تعالى وقوله تعالى { فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } هذا أمر آخر أكد به الأمر الأول وهو ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. وقوله تعالى { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } قال هذا القول القرين لما قال المشرك معتذراً ربّ إن قريني من الشياطين أطغاني فرد عليه القرين بما أخبر تعالى به عنه في قوله قال قرينه ربنا ما أطغتيه ولكن كان في ضلال بعيد فقال الرب تعالى { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } فرد الله حجة كل من الكافر والقرين من الشياطين وأعلمهما أنه قد قدم إليهما بالوعيد في كتبه وعلى ألسن رسله من كفر بالله وأشرك به وعصى رسله فإن له نار جهنم خالداً فيها أبدا. وقوله تعالى { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } أخبر تعالى أن حكمه نافذ فيمن كفر به وعصى رسله إذ سبق قوله لإِبليس عندما أخرج آدم من الجنة بوسواسه وهو لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين. فهذا القول الإِلهي لا يبدل ولا يقدر أحد على تبديله وتغييره وقوله { وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } نفى تعالى الظلم عن نفسه والظلم هو أن يعذب مطيعا، أو يدخل الجنة كافراً عاصياً.
وقوله تعالى { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } أي اذكر يا نبينا لقومك المنهمكين في الشرك والمعاصي ما ينتظر أمثالهم من عذاب حهنم اذكر لهم يوم نقول لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد بعدما يدخل فيها كل كافر وكافرة من الإِنس والجن وتقول طالبة الزيادة هل من مزيد؟ ولما لم يبق أحد يستحق عذاب النار يضع الجبار فيها قدمه فينزوي بعضها في بعض وتقول قط قط والحديث معناه في الصحيحين وغيرهما.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- التحذير من الصفات الست التي جاءت في الآية وهي الكفر والعناد ومنع الخير والاعتداء والشك والشرك.
3- بيان خصومة أهل النار من إنسان وشيطان.
4- نفي الظلم عن الله تعالى وهو كذلك فلا يظلم الله أحدا من خلقه.
5- إثبات صفة القدم للربّ تعالى كما يليق هذا الوصف بذاته التي لا تشبه الذوات سبحانه وتعالى عن صفات المحدثين من خلقه.