التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ
٦
وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
٧
تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
٨
وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ
٩
وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ
١٠
رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ
١١

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم: أي أعموا فلم ينظروا بعيونهم معتبرين بعقولهم إلى السماء كائنة فوقهم فيعلموا أن استبعادهم للبعث غير صحيح.
كيف بنيناها وزيناها: أي كيف بنيناها بلا عمد. وزيناها بالكواكب.
وما لها من فروج: أي وليس لها من شقوق تعيبها.
والأرض مددناها: أي بسطناها.
وألقينا فيها رواسي: أي جبالا رواسي ثوابت لا تسير ولا تتحرك مثبتة للأرض كي لا تميد بأهلها.
وأنبتا فيها من كل زوج بهيج: أي وأنبتنا في الأرض من كل صنف من أنواع النباتات حسن.
تبصرة وذكرى لكل عبد منيب: أي جعلنا ذلك تبصرة وذكرى منا لكل عبد منيب إلى طاعتنا رجاع إلينا.
ونزلنا من السماء ماء مباركا: أي ماء المطر كثير البركة.
فأنبتا به جنات وحب الحصيد: أي أنبتنا بماء السماء بساتين وحب الحصيد أي المحصود من البر والشعير.
والنخل باسقات: أي وأنبتنا بالماء النخيل الطوال العاليات.
لها طلع نضيد: أي لها طلع منضد متراكب بعضه فوق بعض.
رزقا للعباد: أي أنبتنا ما أنبتنا من الجنات والحب الحصيد والنخل الباسقات قوتا للعباد ورزقا لهم مؤمنهم وكافرهم.
وأحيينا به بلدة ميتا: وأحيينا بذلك الماء الذي أنزلناه بلدة ميتا لا نبات فيها من الجدب الذي أصابها والقحط.
كذلك الخروج: أي كما أخرجنا النبات من الأرض الميتة بالماء نخرجكم أحياء من قبوركم يوم القيامة بماء ننزله من السماء على الأرض فتنبتون كما ينبت البقل.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث وهي العقيدة التي بُنيَ عليها كل إصلاح يراد للإِنسان بعد عقيدة الإِيمان بالله تعالى ربّا وإلهاً قال تعالى { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } أي أعمي أولئك المنكرون للبعث المكذبون بلقاء ربهم يوم القيامة فلم ينظروا بعيونهم معتبرين بعقولهم إلى حجم السماء الواسع العالي الرفيع الكائن فوقهم وقد رفع بلا عمد ولا سند. وقد زيّنه خالقه بكواكب نيّرة وأقمار منيرة وشموس مضيئة ولم يُر في السماء من تصدع ولا شقوق ولا تفطر الحياة كلها أليس القادر على خلق السماء قادر على إحياء موتى خلقهم وأماتهم بقدرته أليس القادر على الخلق ابتداء وعلى الإِماتة ثانية بقادر على إحياء من خلقهم وأماتهم بقدرته أليس القادر على الخلق ابتداء وعلى الإِماتة ثانية بقادر على إحياء من خلق وأمات؟ وقوله { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } أي مالهم لا ينظرون إلى الأرض أي بسطها وألقى فيها الجبال لتثبيتها حتى لا تميد بهم. وقوله { وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ } أي صنف من النباتات والزروع بهيج المنظر حسنه، وقوله { تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } وقوله { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ } أي أليس الذي أنزل من السماء ماء مباركا لما يكثر به من الخيرات والبركات من النبات والحيوان فأنبت به جنّات أي بساتين من أشجار ونخيل وأعناب، وأنبت به حب الحصيد وهو كل حب يحصد عند طيبه من قمح وشعير وذرة وغيرها وأنبت به النخل الباسقات العاليات المرتفعات في السماء لها طلعها النضيد المتراكب بعضه فوق بعض ليتحول إلى رطبٍ شهيٍ يأكله الإِنسان وقوله رزقا للعباد أي قوتا لهم يقتاتون به مؤمنين وكافرين إلاّ أن المؤمن إذا أكل شكر والكافر إذا أكل كفر، وقوله { وَأَحْيَيْنَا بِهِ } أي بالماء الذي أنزلناه من السماء مباركاً بلدة ميتا لا نبات بها ولا عشب ولا كلأ فأصبحت تهتز رابية كذلك الخروج أي هكذا يكون خروجكم من قبوركم أيها المنكرون للبعث ينزل الله من السماء ماء فتنبتون وتخرجون من قبوركم كما يخرج الشجر والزرع من الأرض بواسطة الماء المبارك فبأي عقل تنكرون البعث أيها المنكرون. إنها كما قال تعالى
{ { لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [الحج: 46].
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة البعث بمظاهر القدرة الإِلهية في الكون.
2- مشروعية النظر والاعتبار فيما يحيط بالإِنسان من مظاهر الكون والحياة للعبرة طلبا لزيادة الإِيمان والوصول به إلى مستوى اليقين.
3- فضل العبد المنيب وفضيلة الإِنابة إلى الله تعالى والمنيب هو الذي يرجع إلى ربه في كل ما يهمه والإِنابة التوبة إلى الله والرجوع إلى طاعته بعد معصيته.