التفاسير

< >
عرض

وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٣٨
فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
٣٩
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ
٤٠
وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ
٤١
مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ
٤٢
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ
٤٣
فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ
٤٤
فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ
٤٥
وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٤٦
-الذاريات

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون: أي فكذبه وكفر، فأغرقناه ومن معه آية كآية سدوم.
بسلطان مبين: أي بحجة ظاهرة قوية وهي اليد والعصا.
فتولى بركنه: أي أعرض عن الإِيمان مع رجال قومه.
وقال ساحر أو مجنون: أي وقال فرعون في شأن موسى ساحر أو مجنون.
فنبذناهم في اليم: أي طرحناهم في البحر فغرقوا أجمعين.
وهو مليم: أي آتٍ بما يُلام عليه إذ هو الذي عرض جيشاً كاملاً للهلاك زيادة على ادعائه الربوبية وتكذيبه لموسى وهارون وهما رسولان.
وفي عاد: أي وفي إهلاك عاد آية أي علامة على قدرتنا وتدبيرنا.
الريح العقيم: أي التي لا خير فيها لأنها لا تحمل المطر ولا تلقح الشجر وهي الدبور، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم نصرت بالصبا وهي الريح الشرقية وأهلكت عاد بالدبور وهي الريح الغربية في الحجاز.
ما تذر من شيء أتت عليه: من نفس أو مال.
إلا جعلته كالرميم: أي البالي المتفتت.
وفي ثمود: أي وفي إهلاك ثمود آية دالة على قدرة الله وكرهه تعالى للكفر والإِجرام.
إذ قيل لهم: أي بعد عقر الناقة تمتعوا إلى انقضاء آجالكم بعد ثلاثة أيام.
فأخذتهم الصاعقة: أي بعد ثلاثة أيام من عقر الناقة.
فما استطاعوا من قيام: أي ما قدروا على النهوض عند نزول العذاب بهم.
وقوم نوح من قبل: أي وفي إهلاك قوم نوح بالطوفان آية وأعظم آية.
معنى الآيات:
قوله تعالى: { وَفِي مُوسَىٰ } الآية إنه تعالى لما ذكر إهلاك قوم لوط وجعل في ذلك آية دالةً على قدرته وعلامةً تدل العاقل على نقمه تعالى ممن كفر به وعصاه ذكر هنا في هذه الآيات التسع من هذا السياق أربع آيات أخرى، يهتدي بها أهل الإِيمان الذين يخافون يوم الحساب فقال عز من قائل: وفي موسى بن عمران نبي بني إسرائيل إذ أرسلناه إلى فرعون ملك القبط بمصر { بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي بحجة قوية ظاهرة قوة السلطان وظهوره وهي العصا فلم يستجب لدعوة الحق فتولى بركنه أي بجنده الذي يركن إليه ويعتمد عليه، وقال في موسى رسول الله إليه: هو ساحر أو مجنون فانتقمنا منه بعد الإِصرار على الكفر والظلم فنبذناهم أي طرحناهم في اليم البحر فهلكوا بالغرق. في هذا الصنيع الذي صنعناه بفرعون لما كذب آيةٌ من أظهر الآيات.
وقوله تعالى: { وَفِي عَادٍ } حيث أرسلنا إليه أخاهم هوداً فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه فكذبوه { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } التي لا تحمل مطراً ولا تلقح شجراً ما تذر من شيء أتت عليه أي مرت به من أنفس أو أموال إلا جعلته كالرميم البالي المتفتت في هذه الإهلاك آية من أعظم الآيات الدالة على قدرة الله الموجبة لربوبيته وعبادته والمستلزمة لقدرته تعالى على البعث والجزاء يوم القيامة.
وقوله تعالى { وَفِي ثَمُودَ } إذ أرسلنا إليهم أخاهم صالحاً فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك الشرك فكذبوه وطالبوه بآية تدل على صدقه فأعطاهم الله الناقة آية فعقروها استخفافاً منهم وتكذيباً { إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } أي إلى إنقضاء الأجل الذي حدد لهلاكهم. فبدل أن يؤمنوا ويسلموا فيعبدوا الله ويوحدوه عتوا عن أمر ربهم وترفعوا متكبرين { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } صاعقة العذاب وهم ينظرون بأعينهم الموت يتخطفهم { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ } من مجالسهم وهم جاثمون على الركب { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } في إهلاك ثمود أصحاب الحجر آية للذين يخافون العذاب الأليم فلا يفعلوا فعلهم حتى لا يهلكوا هلاكهم.
وقوله تعالى: { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } أي وفي إرسالنا نوحاً إلى قومه وتكذيبهم إياه وإصرارهم على الشرك والكفر والتكذيب ثم إهلاكنا لهم بالطوفان وانجائنا المؤمنين آية من أعظم الآيات الدالة على وجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته للعالمين، والمستلزمة لقدرته على البعث والجزاء الذي يصر الملاحدة على إنكاره ليواصلوا فسقهم وفجورهم بلا تأنيب ضمير ولا حياء ولا خوف أو وجل.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير كل من التوحيد والنبوة والبعث لما في الآيات من دلائل على ذلك.
2- قوة الله تعالى فوق كل قوة إذ كل قوة في الأرض هو الذي خلقها ووهبها.
3- اتهام المبطلين لأهل الحق دفعاً للحق وعدم قبول له يكاد يكون سنة بشرية في كل زمان ومكان.
4- من عوامل الهلاك العتو عن أمر الله أي عدم الإِذعان لقبوله، والفسق عن طاعته وطاعة رسله.