التفاسير

< >
عرض

وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ
١
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ
٢
وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ
٣
إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ
٤
عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ
٥
ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ
٦
وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ
٧
ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ
٨
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ
٩
فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ
١٠
مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ
١١
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ
١٢
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ
١٣
عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ
١٤
عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ
١٥
إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ
١٦
مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ
١٧
لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ
١٨
-النجم

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
والنجم إذا هوى: أي والثريا إذا غابت بعد طلوعها.
ما ضل صاحبكم: أي ما ضل محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهدى.
وما غوى: أي وما لابس الغي وهو جهل من اعتقاد فاسد.
وما ينطق عن الهوى: أي عن هوى نفسه أي ما يقوله عن الله تعالى لم يصدر فيه عن هوى نفسه.
إن هو إلا وحي يوحى: أي ما هو إلا وحي إلهي يوحى إليه.
علّمه شديد القوى: أي علمه ملك شديد القوى وهو جبريل عليه السلام.
ذو مِرَّةِ: أي لسلامة في جسمه وعقله فكان بذلك ذا قوة شديدة.
فاستوى وهو بالأفق الأعلى: أي استقر وهو بأفق الشمس عند مطلعها على صورته التي خلقه الله عليها فرآه النبي صلى الله عليه وسلم وكان بجياد قد سد الأفق إلى المغرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي طلب من جبريل أن يريه نفسه في صورته التي خلقه الله عليها.
ثم دنا فتدلى: أي وقرب منه فتدلى أي زاد في القرب.
فكان قاب قوسين أو أدنى: أي فكان في القرب قاب قوسين أي مقدار قوسين.
فأوحى إلى عبده ما أوحى: أي فأوحى الله تعالى إلى عبده جبريل ما أوحاه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ما كذب الفؤاد ما رأى: أي ما كذب فؤاد النبي ما رأى ببصره من صورة جبريل عليه السلام.
أفتمارونه على ما يرى: أي أفاتجادلونه أيها المشركون على ما يرى من صورة جبريل.
ولقد رأه نزلة أخرى: أي على صورته مرة أخرى وذلك في السماء ليلة أسرى به.
عند سدرة المنتهى: وهي شجرة نبق عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة.
عندها جنة المأوى: أي تأوي إليها الملائكة وأرواح الشهداء والمتقين أولياء الله.
إذ يغشى السدرة ما يغشى: أي من نور الله تعالى ما يغشى.
ما زاغ البصر وما طغى: أي ما مال بصر محمد يميناً ولا شمالاً، ولا ارتفع عن الحد الذي حدد له.
لقد رآى من آيات ربه الكبرى: أي رأى جبريل في صورته ورأى رفرفاً أخضر سد أفق السماء.
معنى الآيات:
قوله تعالى { وَٱلنَّجْمِ } إلى قوله { مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } يقرر به تعالى نبوة محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد أقسم بالنجم إذا هوى وهو نجم الثريا إذا غاب عن الأفق على أنه ما ضل محمد صاحب قريش الذي صاحبته منذ ولادته ولم يغب عنها ولم تغب عنه مدة تزيد على الأربعين سنة فهي صحبة كاملة ما ضل عن طريق الهدى وهم يعرفون هذا، وما غوى أيضاً أية غواية وما لابسه جهل في قول ولا عمل فغوى به. وما ينطق بالقرآن وغيره مما يقوله ويدعو إليه عن هوى نفسه كما قد يقع من غيره من البشر إن هو إلا وحي يوحى أي ما هو أي الذي ينطق به ويدعو إليه ويعمله إلا وحي يُوحى إليه. علمه إياه ملك شديد القوى ذو مرة أي سلامة عقل وبدن فكان بذلك قوياً روحياً وعقلياً وذاتياً وهو جبريل عليه السلام وقوله: { فَٱسْتَوَىٰ } أي جبريل { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } ومعنى استوى استقر { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } أي تدلى فدنا أي قرب شيئاً فشيئاً حتى كان من الرسول صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أي قدر قوسين والقوس معروف آلة للرمي { أَوْ أَدْنَىٰ } أي من قاب قوسين.
وقوله تعالى { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } أي فَأَوْحى الله تعال إلى جبريل ما أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقوله { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } أي ما كذب فؤادُ محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه محمد ببصره وهو جبريل في صورته التي خلقه الله تعالى عليها ذات الستمائة جناح طول الجناح ما بين المشرق والمغرب. وقوله تعالى: { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } هذا خطاب للمشركين المنكرين لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ينكر تعالى ذلك عليهم بقوله { أَفَتُمَارُونَهُ } أي تجادلونه وتغالبونه أيها المشركون على ما يرى ببصره. { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } أي مرة أخرى { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } وذلك ليلة أسرى به صلى الله عليه وسلم، ووصفت هذه السدرة وهي شجرة النبق بأن أوراقها كآذان الفيلة وأن ثمرها كغلال هجر قال فلما غشيها من أمر الله تعالى ما غشيها تغيَّرت فما أحد من خلق الله تعالى يقدر أن ينعتها من حسنها، وسميت سدرة المنتهى لانتهاء علم كل عالم من الخلق إليها أو لكونها عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة، وقوله { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } أي الجنة التي تأوي إليها الملائكة وأرواح الشهداء، والمتقين أولياء الله تعالى.
وقوله تعالى: { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } أي من نور الله تعالى، والملائكة من حب الله مثل الغربان حين تقفز على الشجر كذلك روى ابن جرير الطبري. وقوله { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } أي ما مال بصر محمد يميناً ولا شمالاً ولا ارتفع فوق الحد الذي حدد له. { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } أي رأى جبريل في خلقه الذي يكون فيه في السماء ورأى رفرفاً أخضر قد سد الأفق ورأى من عجائب خلق الله ومظاهر قدرته وعلمه ما لا سبيل إلى إدراكه والحديث عنه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير النبوة لمحمد وإثباتها بما لا مجال للشك والجدال فيه.
2- تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن القول بالهوى أو صدور شيء من أفعاله أو أقواله من اتباع الهوى.
3- وصف جبريل عليه السلام.
4- إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل وعلى صورته التي يكون في السماء عليها مرتين.
5- تقرير حادثة الإِسراء والمعراج وإثباتها للنبي صلى الله عليه وسلم.
6- بيان حقيقة سدرة المنتهى.