التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ
٤٧
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ
٤٨
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ
٤٩
وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ
٥٠
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
٥١
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ
٥٢
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ
٥٣
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ
٥٤
فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ
٥٥
-القمر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
إن المجرمين في ضلال وسعر: أي الذين أجرموا على أنفسهم بالشرك والمعاصي في ضلال في الدنيا ونار مستعرة في الآخرة.
ذوقوا مسَّ سقر: أي يوم يسحبون في النار على وجوههم يقال لهم ذوقوا مس سقر جهنم.
إنا كل شيء خلقناه بقدرٍ: أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابق لخلقنا له وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض فهو يقع كما كتب كمية وصورة وزمانا ومكاناً لا يتخلف في شيء من ذلك.
وما أمرنا إلا واحدة: أي وما أمرنا إذا أردنا خلق شيء إلا أمرةً واحدة فيتم وجوده.
كلمح بالبصر: الشيء بسرعة كلمح البصر وهو النظر بعجلة.
ولقد أهلكنا أشياعكم: أي ولقد أهلكنا أمثالكم أيها المشركون من الأمم السابقة.
فهل من مدّكر؟: أي فاذكروا واتعظوا بهذا خيراً لكم من هذا الإِعراض.
وكل شيء فعلوه في الزبر: أي وكل ما فعله العباد هو مسجل في كتب الحفظة من الملائكة.
وكل صغير وكبير مستطر: أي وكل صغير وكبير من سائر الأعمال والأحداث في اللوح المحفوظ مستطر مكتوب.
إن المتقين في جنات ونهر: إن الذين اتقوا ربهم فلم يشركوا به ولم يفسقوا عن أمره في جنات يشربون من أنهار الماء واللبن والخمر والعسل المصفى.
في مقعد صدق: أي في مجلس حق لا لغو به ولا تأثيم.
عند مليك مقتدر: عند مليك أي ذي ملك وسلطا مقتدر على ما يشاء وهو الله جل جلاله.
معنى الآيات:
قوله تعالى { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } يخبر تعالى عن حال المجرمين وهم الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك وغشيان الذنوب يخبر تحذيراً وإنذاراً بأن المجرمين في ضلال في حياتهم الدنيا، وسعر ونار مستعرة متأججة يوم القيامة يوم يسحبون في النار على وجوههم يقال لهم ذوقوا تهكماً بهم مسّ سقر تذوقوا العذاب، وسقر طبق من أطباق جهنم وباب من أبوابها.
وقوله تعالى: { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } إعلام منه تعالى عن نظام الكون الذي خلقه تعالى وهو أن كل حادث يحدث في هذا العالم قد سبق به علم الله وتقديره له فحَدَّد ذاته وصفاته وأعماله ومآله إلى جنة أو إلى نارٍ، إن كان إنسانا أو جانا وليس هناك شيء يحدث بدون تقدير سابق له وعلم تام به قبل حدوثه.
وقوله تعالى: { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } يخبر تعالى عن قدرته كما أخبر عن علمه بأنه تعالى إذا أراد إيجاد شيء في الوجود لم يزد على أمرٍ واحد وهو كن فإذا بالمطلوب يكون كما أراد تعالى أزلاً أن يكون، وبسرعة كسرعة لمح البصر الذي هو نظرة سريعة.
وقوله تعالى وهو يخاطب مشركي قريش { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ } أي أمثالكم في الكفر والعصيان أي من الأمم السابقة { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } أي متذكر متعظ معتبر قبل فوات الوقت وحصول المكروه من العذاب في الدنيا وفي الآخرة.
وقوله تعالى { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ } أي أولئك المشركون { فِي ٱلزُّبُرِ } أي في كتب الحفظة من الملائكة الكرام الكاتبين، وكل صغير وكبير من أعمالهم وأعمال غيرهم بل كل حادثةٍ في الأكوان هي مسطرة في اللوح المحفوظ كتاب المقادير.
وقوله تعالى { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } هذا الإِخبار يقابل الإِخبار الأول أن المجرمين في ضلال وسعر فالأول إعلام وتحذير وترهيب وهذا إخبار وبشرى وترغيب حيث أخبر أن المتقين الذين اتقوا ربهم فلم يشركوا به ولم يفسقوا عن أمره إنهم في جنات بساتين ذات قصور وحور، وأنهار وأشجار هم جالسون في مقعد صدق في مجلس حق لا لغو يسمع فيه ولا تأثيم يلحق جالسه عند مليك أي ذي ملك وسلطان مقتدر على فعل كل ما يريده سبحانه لا إله إلا هو ولا رب سواه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان مصير المجرمين وضمنه تخويف وتحذير من الإِجرام الموبق للإِنسان.
2- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
3- تقرير أن أعمال العباد مدونة في كتب الكرام الكاتبين لا يترك منها شيء.
4- تقرير أن كل صغيرة وكبيرة من أحداث الكون هي في كتاب المقادير اللوح المحفوظ.
5- بيان مصير المتقين مع الترغيب في التقوى إذ هي ملاك الأمر وجماع الخير.
6- ذكر الجوار الكريم وهو مجاورة الله رب العالمين في الملكوت الأعلى في دار السلام.