التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
١٧
إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ
١٨
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ
١٩
-الحديد

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ألم يأن للذين آمنوا: أي ألم يحن الوقت للذين أكثروا من المزاح.
أن تخشع قلوبهم لذكر الله: أي تلين وتسكن وتخضع وتطمئن لذكر الله ووعده ووعيده.
وما نزل من الحق: أي القرآن وما يحويه من وعد ووعيد.
ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل: أي ولا يكونوا كاليهود والنصارى في الإِعراض والغفلة.
فطال عليهم الأمد: أي الزمن بينهم وبين أنبيائهم.
فقست قلوبهم: أي لعدم وجود من يذكرهم ويرشدهم فقست لذلك قلوبهم فلم تلن لذكر الله.
وكثير منهم فاسقون: أي نتيجة لقساوة القلوب المترتبة على ترك التذكير والإِرشاد ففسق أكثرهم فخرج عن دين الله ورفض تعاليمه.
اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها: أي بالغيث ينزل بها وكذلك يحيي القلوب بالذكر والتذكير فتلين وتخشع لذكر الله ووعد ووعيده.
قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون: أي بينا لكم الآيات الدالة على قدرتنا وعلمنا ولطفنا ورحمتنا رجاء أن تعقلوا فتحفظوا أنفسكم مما يرديها ويوبقها.
إن المصدقين والمصدقات: أي المتصدقين بفضول أموالهم والمتصدقات كذلك.
وأقرضوا الله قرضا حسنا: أي وكانت صدقاتهم كالقرض الحسن الذي لا منة معه والنفس طيبة به وراجية من ربها جزاءه.
يضاعف لهم: أي القرض الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة إلى ألف ألف.
والذين آمنوا بالله ورسله: أي صدقوا بالله رباً وإلهاً وبرسله هداة ودعاة صادقين.
أولئك هم الصديقون: أي الذين كتبوا عند الله صديقين وهي مرتبة شرف عالية.
والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم: أي وشهداء المعارك في سبيل الله عند ربهم أي في الجنة لهم أجرهم العظيم ونورهم التام يوم القيامة.
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا: أي كفروا بالله وتوحيده وكذبوا بالقرآن وبما حواه من الشرائع والأحكام.
أولئك أصحاب الجحيم: أي أولئك البعداء هم أهل النار الذي لا يفارقونها أبداً.
معنى الآيات:
قوله تعالى { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } أي بالله ربّاً وإلهاً وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبوعد الله ووعيده صدقا وحقا ألم يحن الوقت لهم أن تخشع قلوبهم فتلين وتطمئن إلى ذكر الله وتخشع كذلك { وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ } في الكتاب الكريم فيعرفون المعروف ويأمرون به ويعرفون المنكر وينهون عنه إنها لموعظة إلهية عظيمة وزادها عظمة أن تنزل في أصحاب رسول الله تستبطىء قلوبهم. فكيف بمن بعدهم.
وقوله: { وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ } أي من قبل البعثة المحمدية وهم اليهود والنصارى فطال عليهم الأمد وهو الزمن الطويل بينهم وبين أنبيائهم فلم يذكروا ولم يرشدوا فقست قلوبهم من أجل ذلك وأصبح أكثرهم فاسقين عن دين الله خارجين عن شرائعه لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً.
وقوله تعالى { ٱعْلَمُوۤاْ } أي أيها المؤمنون المصابون ببعض الغفلة فكثر مزاحهم وضحكهم { أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } يحييها بالغيث فتنبت وتزدهر فكذلك القلوب تموت بترك التذكير والتوجيه والإِرشاد وتحيا على التذكير والإِرشاد.
وقوله تعالى: { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ } أي وضحناها لكم في هذا الكتاب الكريم لعلكم تعقلون أي لنعدّكم بذلك لتعقلوا عنّا ما نُخاطبكم به وننصح لكم فيه فاذكروا هذا ولا تنسوه. وارجعوا قلوبكم وتعهدوها بذكر الله والدار الآخرة. وقوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ } أي المتصدقين بفضول أموالهم في سبيل الله والمصدقات أي والمتصدقات كذلك وأقرضوا الله قرضاً حسناً بما أنفقوه في الجهاد طيبة به نفوسهم لا منة فيه ولا رياء ولا سمعة هؤلاء يضاعف لهم أي ثواب صدقاتهم وإقراضهم ربهم إلى عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف إلى ألف ألف ولهم أجر كريم وهو الجنة والذين آمنوا بالله ورسله فصدقوا بالله رباً وإلهاً وبرسل الله المصطفين هداة إلى الله ودعاة إليه هؤلاء هم الصديقون ففازوا بمرتبة الصديقية والشهداء الذين استشهدوا في معارك الجهاد هم الآن عند ربهم لهم أجرهم ونورهم أرواحهم في حواصل طير خضر ترعى في الجنة. هؤلاء الأصناف الثلاثة مثلهم مثل السابقين وأصحاب اليمين. والذين كفروا أي بالله ورسله وكذبوا بآياتنا أي بآيات ربهم الحاوية لشرائعه وعبادته فلم يعبدوه بها هؤلاء الأدنون هم أصحاب الجحيم الذين يلازمونها وتلازمهم أبداً نعوذ بالله من حالهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- التحذير من الغفلة ونسيان ذكر الله وما عنده من نعيم وما لديه من نكال وعذاب.
2- وجوب التذكير للمؤمنين والوعظ والإِرشاد والتعليم خشية أن تقسو قلوبهم فيفسقوا كما فسق أهل الكتاب ويكفروا كما كفروا.
3- تقرير حقيقة وهي أن الأرض تحيا بالغيث والقلوب تحيا بالعلم والمواعظ والتذكير بالله.
4- بيان أصناف المؤمنين ورتبهم وهم المتصدقون والمقرضون في سبيل الله أموالهم والمؤمنين بالله ورسله حق الإِيمان والصديقون وشهداء الجهاد في سبيل الله جعلنا الله منهم.