التفاسير

< >
عرض

مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
٢٢
لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
٢٣
ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٢٤
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
٢٥
-الحديد

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ما أصاب من مصيبة في الأرض: أي بالجدب وذهاب المال.
ولا في أنفسكم: أي بالمرض وفقد الولد.
إلا في كتاب من قبل أن نبرأها: أي في اللوح المحفوظ قبل أن نخلقها.
إن ذلك على الله يسير: أي سهل ليس بالصعب.
لكيلا تأسوا على ما فاتكم: أي لكيلا تحزنوا على ما فاتكم أي مما تحبون من الخير.
ولا تفرحوا بما آتاكم: أي بما أعطاكم فرح البطر أما فرح الشكر فهو مشروع.
والله لا يحب كل مختال فخور: أي مختال بتكبره بما أعطى، فخور أي به على الناس.
الذين يبخلون: أي بما وجب عليهم أن يبذلوه.
ويأمرون الناس بالبخل: أي بمنع ما وجب عليهم عطاؤه.
ومن يتول: أي عن الإِيمان والطاعة وقبول مواعظ ربهم.
فإن الله غني: أي غني عن سائر خلقه لأن غناه ذاتي له لا يستمده من غيره.
حميد: أي محمود بجلاله وجماله وآلائه ونعمه على عباده.
بالبينات: أي بالحجج والبراهين القاطعة على صدق دعوتهم.
وأنزلنا معهم الكتاب: أي وأنزل عليهم الكتب الحاوية للشرائع والأحكام.
والميزان: أي العدل الذي نزلت الكتب بالأمر به وتقريره.
ليقوم الناس بالقسط: أي لتقوم حياتهم فيما بينهم على أساس العدل.
فيه بأس شديد: أي في الحديد بأس شديد والمراد آلات القتال من سيف وغيره.
ومنافع للناس: أي ينتفع به الناس إذ ما من صنعة إلا والحديد آلتها.
وليعلم الله من ينصره ورسله: أي وأنزلنا الحديد وجعلنا فيه بأساً شديداً ليعلم الله من ينصره في دينه وأوليائه وينصر رسله المبلغين عنه.
بالغيب: أي وهم لا يشاهدونه بأبصارهم في الدنيا.
إن الله قوي عزيز: أي لا حاجة إلى نصرة أحد وإنما طَلَبهَا يَتَعَبَّدُ بها عباده.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في إرشاد المؤمنين وتوجيههم إلى ما يكملهم ويسعدهم فقال تعالى: { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ } أي ما أصابكم أيها المؤمنون من مصيبة في الأرض بالجدب والقحط أو الطوفان أو الجوائح تصيب الزرع { وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ } بالمرض وفقد الولد إلاَّ وهي في كتاب أي في كتاب المقادير، اللوح المحفوظ مكتوبة بكميتها وكيفيتها وزمانها ومكانها { مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ } أي وذلك قبل خلق الله تعالى لها وإيجادها. وقوله: { إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي علمه بها وكتابته لها قبل خلقها وإيجادها في وقتها سهل على الله يسير.
وقوله { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ } أي أعلمناكم بذلك بعد قضائنا وحكمنا به أزلاً من أجل ألا تحزنوا على ما فاتكم مما تحبون في دنياكم من الخير، ولا تفرحوا بما آتاكم فرح الأشر والبطر فإنه مضر أما فرح الشكر فلا بأس به فقد ينعم الله على العبد ليشكره.
وقوله: { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } يحذر أولياءه من خصلتين ذميمتين لا تنبغيان للمؤمن وهما الاختيال أي التكبر والفخر على الناس بما أعطاه الله وَحَرَمَهَم. وقوله { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ } هذا بيان لمن لا يحبهم الله وهم أهل الكبر والفخر بذكر صفتين قبيحتين لهم وهما البخل الذي هو منع الواجب والأمر بالبخل والدعوة إليه فهم لم يكتفوا ببخلهم فأمروا غيرهم بالبخل الذي هو منع الواجب وعدم بذله والعياذ بالله من هذه القبائح الأربع. وقوله: { وَمَن يَتَوَلَّ } أي عن الإِيمان والطاعة وعدم قبول وعظ الله وإرشاده { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } عن سائر خلقه لأن غناه ذاتي له لا يستمده من غيره { ٱلْحَمِيدُ } أي محمود بجلاله وجماله وإنعامه على سائر عباده.
وقوله تعالى { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالحجج القواطع وأنزلنا معهم الكتاب الحاوي للشرائع والأحكام التي يكمل عليها الناس ويسعدون وأنزلنا الميزان وذلك ليقوم الناس بالعدل أي لتقوم حياتهم على أساس العدالة والحق.
وقوله تعالى { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } أي وكما أنزلنا الكتاب للدين والعدل للدنيا أنزلنا الحديد لهما معاً للدين والدنيا فيما فيه من البأس الشديد في الحروب فهو لإقامة الدين بالجهاد { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } إذْ سائر الصناعات متوقفة عليه فهو للدنيا.
وقوله تعالى: { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ } أي من الحكمة في إنزال الحديد أن يعلم الله من ينصره أي ينصر دينه ورسله بالجهاد معهم والوقوف إلى جانبهم وهم يبلغون دعوة ربهم بالغيب أي وهم لا يشاهدون الله تعالى بأعينهم وإن عرفوه بقلوبهم.
وقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } إعلام بأنه لا حاجة به إلى نصرة أحد من خلقه وذلك لقوته الذاتية وعزته التي لا ترام، وإنما كلف عباده بنصرة دينه ورسله وأوليائه تشريفاً لهم وتكريماً وليرفعهم بذلك إلى مقام الشهداء.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة القضاء والقدر.
2- بيان الحكمة في معرفة القضاء والقدر والإِيمان بهما.
3- حرمة الاختيال والفخر والبخل والأمر بالبخل.
4- بيان إفضال الله وإنعامه على الناس بإرسال الرسل وإنزال الكتب والميزان وإنزال الحديد بما فيه من منافع للناس وبأس شديد.