التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٣
-المجادلة

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
تفسحوا في المجالس: أي توسعوا في المجالس التي هي مجالس علم وذكر.
فافسحوا يفسح الله لكم: أي في الجنة وفي الرزق والقبر.
انشزوا فانشزوا: أي قوموا للصلاة أو لغيرها من أعمال البر.
يرفع الله الذين آمنوا منكم: أي بالنصر وحسن الذكر في الدنيا وفي غرفات الجنان في الآخرة.
والذين أوتوا العلم درجات: أي ويرفع الذين أوتوا العلم درجات عالية لجمعهم بين العلم والعمل.
إذا ناجيتم الرسول: أي أردتم مناجاته.
فقدموا بين يدي نجواكم صدقة: أي قبل المناجاة تصدقوا بصدقة ثم ناجوه صلى الله عليه وسلم.
ذلك خير لكم وأطهر: أي تقديم الصدقة بين يدي المناجاة خير لما فيه من نفع الفقراء وأطهر لذنوبكم.
فإن لم تجدوا: أي فإن لم تجدوا ما تتصدقون به.
فإن الله غفور رحيم: أي غفور لمناجاتكم رحيم بكم فليس عليكم في المناجاة بدون صدقة إثم.
ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات؟: أي أَخِفْتُم الفقر أن قدمتم بين يدي نجواكم صدقات.
فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم: أي تقديم الصدقات، وتاب الله عليكم بأن رخص لكم في تركها.
فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة: أي على الوجه المطلوب من إقامتها وأخرجوا الزكاة.
وأطيعوا الله ورسوله: أي وداوموا على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.
والله خبير بما تعملون: أي من أعمال البر والإِحسان وسيثيبكم على ذلك بالجنة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تربية المؤمنين وتهذيبهم ليكملوا ويسعدوا فقال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي صدقوا الله ورسوله { إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ } أي إذا قال لكم الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره توسعوا في المجلس ليجد غيركم مكاناً بينكم فتوسعوا ولا تضنوا بالقرب من الرسول أو من العالم الذي يعلمكم أو المذكر الذي يذكركم وإن أنتم تفسحتم أي فإن الله تعالى يكافئكم فيوسع عليكم في الدنيا بسعة الرزق وفي البرزخ في القبر وفي الآخرة في غرفات الجنان.
وقوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ } أي قوموا من المجلس لعلة أو للصلاة أو للقتال أو لفعل بر وخير فانشزوا أي خفوا وقوموا يثبكم الله فيرفع الله الذين آمنوا منكم درجات بالنصر والذكر الحسن في الدنيا وفي غرف الجنة في الآخرة والذين أوتوا العلم درجات أي ويرفع الذين أوتوا العلم منكم أيها المؤمنون درجاتٍ عالية لجمعهم بين الإِيمان والعلم والعمل.
وقوله: { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } يذكرهم تعالى بعلمه بهم في جميع أحوالهم ليراقبوه ويكثروا من طاعته ويحافظوا على تقواه.
وقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } أمرهم تعالى إذا أراد أحدهم أن يناجى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكلمه وحده أن يقدم صدقة أولاً ثم يطلب المناجاة وكان هذا لمصلحة الفقراء أولا ثم للتخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كل مؤمن يود أن يخلو برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرب منه ويكلمه الرسول بشرٌ لا يتسع لكل أحد فشرع الله هذه الصدقة فأعلمهم أنه يريد التخفيف عن رسوله. فلما علموا ذلك وتحرجوا من بذل صدقة وأكثرهم فقراء لا يجدها نسخ تعالى ذلك ولم تدم مدة الوجوب أكثر من ليالي ونسخها الله تعالى بقوله الآتي أأشفقتم. الآية.
وقوله تعالى { ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ } أي تقديم الصدقة بين يدي المناجاة خير لكم حيث تعود الصدقة على الفقراء إخوانكم وأطهر أي لنفوسكم لأن النفس تطهر بالعمل الصالح وقوله تعالى { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ } أي ما تقدمونه صدقة قبل المناجاة فناجوه صلى الله عليه وسلم ولا حرج عليكم لعدم وجدكم فإن الله غفور لكم رحيم بكم. وقوله تعالى { ءَأَشْفَقْتُمْ } أي أخفتم الفاقة والفقر إن أنتم ألزمتم بالصدقة بين يدي كل مناجاة وعليه فإن لم تفعلوا وتاب الله عليكم برفع هذا الواجب ونسخه فرجع بكم إلى عهد ما قبل وجوب الصدقة فأقيموا الصلاة بأدائها في أوقاتها في جماعة المؤمنين مراعين شرائطها وأركانها وسننها وآدابها وآتوا الزكاة الواجبة في أموالكم. وأطيعوا الله ورسوله في أمرهما ونهيهما يكفكم ذلك عوضاً عن الصدقة التي نسخت تخفيفاً عليكم ورحمة بكم.
وقوله { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي فراقبوه في طاعته وطاعة رسوله تفلحوا فتنجوا من النار وتدخلوا الجنة دار الأبرار.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- الندب إلى فضيلة التوسع في مجالس العلم والتذكير.
2- الندب والترغيب في القيام بالمعروف وأداء الواجبات إذا دعي المؤمن إلى ذلك.
3- فضيلة الإِيمان وفضل العلم والعمل به.
4- مشروعية النسخ في الشريعة قبل العمل بالمنسوخ وبعده إذ هذه الصدقة نسخت قبل أن يعمل بها اللهم إلا ما كان من عليّ رضي الله عنه فإنه أخبر أنه تصدق بدينار وناجى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخت هذه الصدقة فكان يقول في القرآن آية لم يعمل بها أحد غيري وهي فضيلة له رضي الله عنه.
5- في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة ورسوله في الواجبات والمحرمات عوض عما يفوت المؤمن من النوافل.