التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١١
لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ
١٢
لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
١٣
لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
١٤
-الحشر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ألم تر: أي ألم تنظر.
نافقوا: أي أظهروا الإِيمان وأخفوا في نفوسهم الكفر.
لإِخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب: أي يهود بني النضير.
لئن أخرجتم: أي من دياركم بالمدينة.
لنخرجن معكم: أي نخرج معكم ولا نبقى بعدكم في المدينة.
وإن قوتلتم: أي قاتلكم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
لننصرنكم: أي بالرجال والسلاح.
والله يشهد إنهم لكاذبون: أي فيما وعدوا به إخوانهم من بني النضير.
ولئن نصروهم: أي وعلى فرض أنهم نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون المنافقون كاليهود سواء.
لأنتم أشد رهبة في صدورهم: أي تالله لأنتم أشد خوفاً في صدورهم.
من الله: لأن الله تعالى يؤخر عذابهم وأنتم تعجلونه لهم.
ذلك بأنهم: أي المنافقين.
قوم لا يفقهون: لظلمة كفرهم وعدم استعدادهم للفهم عن الله ورسوله.
لا يقاتلونكم جميعا: أي لا يقاتلكم يهود بني النضير مجتمعين.
إلا في قرىً محصنة: أي بالأسوار العالية.
أو من وراء جُدُر: أي من وراء المباني والجدران أما المواجهة فلا يقدرون عليها.
بأسهم بينهم شديد: أي العداوة بينهم شديدة والبغضاء أشد.
تحسبهم جميعاً: أي مجتمعين.
وقلوبهم شتى: أي متفرقة خلاف ما تحسبهم عليه.
بأنهم قوم لا يعقلون: إذ لو كانوا يعقلون لاجتمعوا على الحق ولا ما كفروا به وتفرقوا فيه فهذا دليل عدم عقلهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن غزوة بني النضير فيقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم { أَلَمْ تَرَ } أي تنظر يا رسولنا إلى الذين نافقوا وهم عبدالله بن أبي بن سلول ووديعة ومالك ابنا نوفل وسويد وداعس إذ بعثوا إلى بني النضير حين نزل بساحتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحربهم بعثوا إليهم أن اثبتوا وتمنعوا وإن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجنا خرجنا معكم غير أنهم لم يفوا لهم ولم يأتهم منهم أحد وقذف الله الرعب في قلوبهم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإِبل من أموالهم إلا الحلْقة "السلاح" هذا معنى قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل الكتاب "يهود بني النضير" لئن أخرجتم من المدينة لنخرجن معكم، ولا نطيع فيكم أي في نصرتكم والوقوف إلى جنبكم أحداً كائنا من كان وإن قوتلتم أي قاتلكم محمد صلى الله عليه وسلم ورجاله لننصرنكم. والله يشهد إنهم لكاذبون فيما قالوا لهم وفعلا لم يقاتلوا معهم ولم يخرجوا معهم كما خرجوا من ديارهم. وهو قوله تعالى { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ } وعلى فرض أنهم نصروهم ليولن الأدبار هاربين من المعركة، ثم لا ينصرون اليهود كالمنافقين سواء. وقوله تعالى: { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ } يخبر تعالى رسوله والمؤمنين بأنهم أشد رهبة أي خوفاً في صدور المنافقين من الله تعالى لأنهم يرون أن لله تعالى يؤجل عذابهم، وأما المؤمنون فإنهم يأخذونهم بسرعة للقاعدة (من بدل دينه فاقتلوه) فإذا أعلنوا عن كفرهم وجب قتلهم وقتالهم.
وقوله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } هذا بيان لجبنهم وخوفهم الشديد من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. إذ لو كانوا يفقهون لما خافوا البعد ولم يخافوا المعبود.
وقوله تعالى: { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } أي اليهود والمنافقون { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } بأسوار وحصون أو من وراء جدر أي في المباني ووراء الجدران. وقوله تعالى { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي العداوة بينهم قوية والبغضاء شديدة تحسبهم جميعاً في الظاهر وأنهم مجتمعون ولكن { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } أي متفرقة لا تجتمع على غير عداوة الإِسلام وأهله، وذلك لكثرة أطماعهم وأغراضهم وأنانيتهم وأمراضهم النفسية والقلبية.
وقوله تعالى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } إذ لو كانوا يعقلون لما حاربوا الحق وكفروا به وهم يعملون فعرضوا أنفسهم لغضب الله ولعنته وعذابه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير حقيقة وهي أن الكفر ملة واحدة وأن الكافرين إخوان.
2- خلف الوعد آية النفاق وعلاماته البارزة.
3- الجبن والخوف صفة من صفات اليهود اللازمة لهم ولا تنفك عنهم.
4- عامة الكفار يبدون متحدين ضد الإِسلام وهم كذلك ولكنهم فيما تمزقهم العداوات وتقطعهم الأطماع وسوء الأغراض والنيات.