التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ
٦٨
وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٦٩
وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٧٠
-الأنعام

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
يخوضون في آياتنا: يتكلمون في القرآن طعناً فيه ونقداً له ولما جاء فيه.
فأعرض عنهم: قم محتجاً على صنيعهم الباطل، غير ملتفت إليهم.
بعد الذكرى: أي بعد التذكر.
ولكن ذكرى: أي موعظة لهم.
وذر الذين: أي اترك الكافرين.
لعباً ولهواً: كونه لعباً لأنه لا يجنون منه فائدة قط، وكونه لهواً لأنهم يتلهون به وشغلهم عن الدين الحق الذي يكملهم ويسعدهم.
أن تبسل نفس: أي تسلم فتؤخذ فتحبس في جهنم.
كل عدل: العدل هنا: الفداء.
أبسلو: حبسوا في جهنم بما كسبوا من الشرك والمعاصي.
من حميم: الحميم الماء الشديد الحرارة الذي لا يطاق.
وعذاب أليم: أي شديد الألم والإِيجاع وهو عذاب النار.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث مع أولئك العادلين المكذبين فيقول الله تعالى لرسوله { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا } يستهزئون بالآيات القرآنية ويسخرون مما دلت عليه من التوحيد والعذاب للكافرين { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي فصد عنهم وانصرف { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } وإن أنساك الشيطان نهينا هذا فجلست ثم ذكرت فقم ولا تقعد مع القوم الظالمين، وقوله تعالى: { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ } أي وليس على المؤمنين المتقين أنت وأصحابك يا رسولنا من تبعة ولا مسئولية ولكن إذا خاضوا في الباطل فقوموا ليكون ذلك ذكرى لهم فيكفون عن الخوض في آيات الله تعالى. وهذا كان بمكة قبل قوة الإِسلام، ونزل بالمدينة النهي عن الجلوس مع الكافرين والمنافقين إذا خاضوا في آيات الله ومن جلس معهم يكون مثلهم وهو أمر عظيم قال تعالى:
{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } [النساء: 140] هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى والثانية.
أما الثالثة [70] فإن الله تعالى يأمر رسوله أن يترك اتخذوا دينهم الحق الذي جاءهم به رسول الحق لعباً ولهواً يلعبون به أو يسخرون منه ويستهزئون به وغرتهم الحياة الدنيا قال تعالى: { وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا } اتركهم فلا يهمك أمرهم وفي هذا تهديد لهم على ما هم عليه من الكفر والسخرية والاستهزاء، وقد أخبر تعالى في سورة الحجر أنه كفاه أمرهم إذ قال
{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } [الحجر: 95]، وقوله تعالى { وَذَكِّرْ بِهِ } أي بالقرآن { أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ } أي كي لا تبسل { بِمَا كَسَبَتْ } أي كي لا تسلم نفس للعذاب بما كسبت من الشرك والمعاصي. { لَيْسَ لَهَا } يوم تسلم للعذاب { مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ } يتولى خلاصها، { وَلاَ شَفِيعٌ } يشفع لها فينجيها من عذاب النار { وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ } أي وإن تقدم ما أمكنها حتى ولو كان ملء الأرض ذهباً فداء لها لما نفعها ذلك ولم نجت من النار، ثم قال تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ } أبلسوا: أسْلِمُوا وأخذوا إلى جهنم بما كسبوا من الذنوب والآثام لهم في جهنم شراب من ماء حميم حار وعذاب موجع أليم. وذلك بسبب كفرهم بالله وآياته ورسوله. حيث نتج عن ذلك خبث أرواحهم فما أصبح يلائم وصفهم إلا عذاب النار قال تعالى من هذه السورة سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- حرمة الجلوس في مجالس يسخر فيها من الإِسلام وشرائعه وأحكامه وأهله.
2- وجوب القيام احتجاجاً من أي مجلس يعصى فيه الله ورسوله.
3- مشروعية الإِعراض في حال الضعف عن المستهزئين بالإِسلام الذين غرتهم الحياة الدنيا من أهل القوة والسلطان وحسب المؤمن أن يعرض عنهم فلا يفرح بهم ولا يضحك لهم.
4- وجوب التذكير بالقرآن وخاصة المؤمنين الذين يرجى توبتهم.
5- من مات على كفره لم ينج من النار إذ لا يجد فداء ولا شفيعاً يخلصه من النار بحال.