التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
١٠
تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
١١
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٣
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُوۤاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنَّصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ
١٤
-الصف

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
هل أدلكم على تجارة: أي أرشدكم إلى تجارة رابحة.
تنجيكم من عذاب أليم: أي الربح فيها هو نجاتكم من عذاب مؤلم يتوقع لكم.
تؤمنون بالله ورسوله: أي تصدقون بالله ربّاً وإلهاً وبمحمد نبياً ورسولاً لله تعالى.
وتجاهدون في سبيل الله: أي وتبذلون أموالكم وأرواحكم جهاداً في سبيل الله تعالى.
ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون: أي الدخول في هذه الصفقة التجارية الرابحة خير لكم من تركها حرصاً على بقائكم وبقاء أموالكم مع أنه لا بقاء لشيء في هذه الدار.
يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن: أي هذا هو الربح الصافي مقابل ذلك الثمن الذاهب الزائل الذي هو المال والنفس مع أن الكل لله تعالى واهبكم أنفسكم وأموالكم.
ذلك الفوز العظيم: أي النجاة من عذاب النار الأليم ثم دخول الجنة والظفر بما فيها من النعيم المقيم هو حقاً الفوز العظيم.
وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب: أي وعلاوة أخرى تحبونها قطعاً إنها نصر من الله لكم وليدنكم وفتح قريب للأمصار والمدن، وما يتبع ذلك من رفعة وسعادة وهناء.
وبشر المؤمنين: أي وبشر يا رسولنا المؤمنين الصادقين بذاك الفوز وهذه العلاوة.
كونوا أنصار الله: أي لتنصروا دينه ونبيه وأولياءه.
كما قال عيسى بن مريم : أي فكونوا أنتم أيها المؤمنون مثل الحواريين، والحواريون للحواريين من أنصاري إلى الله أصحاب عيسى وهم أول من آمن به وكانوا اثني عشر رجلاً.
قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل: أي بعيسى عليه السلام، وقالوا إنه عبد الله رفع إلى السماء.
وكفرت طائفة: أي من بني إسرائيل فقالوا إنه ابن الله رفعه إليه.
فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم: فاقتتلت الطائفتان: فنصرنا وقوينا الذين آمنوا.
فأصبحوا ظاهرين: أي غالبين عالين.
معنى الآيات:
قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } أي يا من صدقتم الله ورسوله هل لنا أن ندلكم على تجارة عظيمة الربح ثمرتها النجاة من عذاب أليم في الدنيا والآخرة. وقوله { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ } هذا هو رأس المال الذي تقدمونه. إيمان بالله ورسوله حق الإِيمان، جهاد في سبيل الله بالنفس والمال وأُنبه إلى أن هذ الصفقة التجارية خير لكم من عدمها إن كنتم تعلمون ربحها وفائدتها.
{ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } إنها النجاة من العذاب الدنيوي والأخروي أولاً، ثم مغفرة ذنوبكم وإدخالكم جنات تجري من تحتها الأنهار، أي من تحت قصورها وأشجارها، ومساكن طيبة في جنات عدن أي إقامة دائمة. ثانياً ثم زاد الحق في ترغيبهم فقال { ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } إنه النجاة من النار، ودخول الجنة، فلا فوز أعظم منه قط هذا ولكم علاوة على ذلك الربح العظيم وهي ما أخبر تعالى عنها بقوله: { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا } أي وفائدة أخرى تحبونها: نصر من الله أي لكم على أعدائكم ولدينكم على سائر الأديان وفتح قريب لمكة ولباقي المدن والقرى في الجزيرة وما وراءها. وقوله تعالى { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي وبشر يا رسولنا الذين آمنوا بنا وبرسولنا وبوعدنا ووعيدنا بحصول ما ذكرناه كاملا، وقد تم لهم كاملاً ولله الحمد والمنة. وقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } هذا نداء ثانٍ في هذا السياق الكريم ناداهم بعنوان الإِيمان أيضاً إذ الإِيمان وهو الطاقة المحركة الدافعة فقال { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُوۤاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ } أي التزموا بنصرة ربكم وإلهكم الحق في دينه ونبيه وأوليائه المؤمنين. قولوا كما قال الحواريون لما دعاهم عيسى نبيهم لنصرته قائلاً من أنصاري إلى الله أي من ينصرني في حال كوني متوجهاً إلى الله انصر دينه وأولياءه، فأجابوه قائلين نحن أنصار الله. فكونوا أنتم أيها المسلمون مثلهم، وقد كانوا رضي الله عنهم كما طلب منهم.
وقوله تعالى { فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي فاقتتلوا فأيدنا أي قوينا ونصرنا الذين آمنوا وهم الذين قالوا عيسى عبدالله ورسوله رفعه ربه تعالى إلى السماء، على عدوهم وهم الطائفة الكافرة التي قالت عيسى ابن الله رفعه إليه تعالى الله أن يكون له ولد.
وقوله تعالى { فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } أي غالبين عالين إلى أن احتال اليهود على إفساد الدين الذي جاء به عيسى وهو الإِسلام أي عبادة الله وحده بما شرع أن يعبد به فحينئذ لم يبق من المؤيدين إلا أنصار قليلون هنا وهناك وعلا الكفر والتثليث واستمر الوضع كذلك إلى أن بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم فانضم إلى الإِسلام من انضم من النصارى فأصبحوا بالإِسلام ظاهرين على عدوهم من المشركين المؤلهين لعيسى والحيارى في تقويمه مرة يقولون هو الله، ومرة يقولون: هو ابن الله، ومرة يقولون: ثالث ثلاثة هو الله. وضللهم وتركهم في هذه المتاهات الانتفاعيون من الرؤساء والجاهلون المقلدون من المرءوسين كما فعل نظراؤهم في الإِسلام فحولوه إلى طوائف وشيع إلا أن الإِسلام تعهد الله بحفظه إلى يوم القيامة فمن أراده وجده صافياً كما نزل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن لم يرده وأراد الضلالة وجدها في كل عصر ومصر.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- فضل الجهاد بالمال والنفس وأنه أعظم تجارة رابحة.
2- تحقيق بشرى المؤمنين التي أمر الله رسوله أن يبشرهم بها فكان هذا برهاناً على صحة الإِسلام وسلامة دعوته.
3- بيان استجابة المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طلب منهم من نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه والمؤمنين معه. وهي نصرة الله تعالى المطلوبة.