التفاسير

< >
عرض

فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٤
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
٤٥
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ
٤٦
أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
٤٧
فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ
٤٨
لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ
٤٩
فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ
٥٠
وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ
٥١
وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
٥٢
-القلم

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ذرني ومن يكذب: أي دعني ومن يكذب أي لا يصدق.
بهذا الحديث: أي بالقرآن الكريم.
سنستدرجهم: أي نستنزلهم درجة درجة حتى نصل بهم إلى العذاب.
وأُملي لهم: أي وأمهلهم.
إن كيدي متين: أي شديد قويّ لا يطاق.
فهم من مغرم مثقلون: أي فهم مما يعطونكه مكلفون حملا ثقيلا.
أم عندهم الغيب: أي اللوح المحفوظ.
فهم يكتبون: أي ينقلون منه ما يدعونه ويقولونه.
ولا تكن كصاحب الحوت: أي يونس في الضجر والعجلة.
وهو مكظوم: أي مملوء غماً.
بالعراء: أي الأرض الفضاء.
وهو مذموم: لكن لما تاب نُبِذَ وهو غير مذموم.
فاجتباه ربه: أي اصطفاه.
ليزلقونك بأبصارهم: أي ينظرون إليك نظرا شديدا يكاد أن يصرعك.
وما هو إلا ذكر: أي محمد صلى الله عليه وسلم.
للعالمين: أي الإِنس والجن فليس بمجنون كما يقول المبطلون.
معنى الآيات:
بعد ذلك التقريع الشديد للمشركين المكذبين الذي لم يؤثر في نفوسهم أدنى تأثير قال تعالى لرسوله { فَذَرْنِي } أي بناء على ذلك فذرني ومن يكذب بهذا الحديث أي دعني وإياهم، والمراد من الحديث القرآن الكريم { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ } أي نستنزلهم درجة درجة { مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } حتى تنتهي بهم إلى عذابهم المترتب على تكذيبهم وشركهم. وقوله تعالى { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي وأمهلهم فلا أعاجلهم بالعذاب فأوسع لهم في الرزق وأصحح لهم الجسم حتى يروا أن هذا لكرامتهم عندنا وأنهم خيرٌ من المؤمنين ثم نأخذهم. وهذا من كيدي الشديد الذي لا يطاق، وقوله تعالى { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } أي بل أتسألهم على تبليغ الدعوة أجراً مقابل التبليغ فهم من مغرم مثقلون أي فهم يشعرون بحمل ثقيل من أجل ما يعطونك من الأجر فلذا هم لا يؤمنون بك ولا يتابعونك على دعوتك. أم عندهم الغيب أي اللوح المحفوظ فهم يكتبون منه ما هم يقولون به ويُقرُّونه والجواب لا إذاً فاصبر يا رسولنا لحكم ربك فيك وفيهم وامض في دعوتك ولا يثني عزمك تكذيبهم ولا عنادهم ولا تكن كصاحب الحوت يونس بن متَّى أي في الضجر وعدم الصبر. إذ نادى وهو مكظوم أي مملوء غمّاً فقال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وقوله لولا أن تداركه نعمة من ربّه لنبذ بالعراء وهو مذموم أي لولا أن أدركته رحمة الله تعالى حيث ألهمه الله التوبة ووفقه لها لنبذ أي لطرح بالفضاء وهو مذموم ولكن لما تاب الله عليه طُرح على ساحل البحر وهو غير مذموم بل محمود فاجتباه ربّه أي اصطفاه مرة ثانية بعد الأولى فجعله من الصالحين أي الكاملي الصلاح من الأنبياء والمرسلين، ومعنى اجتباه مرة ثانية لأن الاجتباء الأول إذ كان رسولا في أهل نينوي وغاضبوه فتركهم ضجراً منهم فعوقب وبعد العقاب والعتاب اجتباه مرة أخرى وأرسله إلى أهل بلاده بعد ذلك الانقطاع قال تعالى من سورة اليقطين فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين. وقوله تعالى { وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْرَ } أي وإن يكاد الذين كفروا ليصرعونك من شدة النظر إليك وكلهم غيظ وحنق عليك بأبصارهم { لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْرَ } أي القرآن نقرأه عليهم. ويقولون إنه لمجنون حسداً لك، وصرفاً للناس عنك، وما هو أي محمد صلى الله عليه وسلم إلا ذكر للعالمين أي يذكر به الله تعالى الإِنس والجن فليس هو بمجنون كما يقول المكذبون المفتونون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- ردّ الأمور إلى الله إذا استعصى حلّها فالله كفيل بذلك.
2- لا يصح أخذ أجرة على تبليغ الدعوة.
3- وجوب الصبر على الدعوة مهما كانت الصعاب فلا تترك لأذىً يصيب الداعي.
4- بيان حال المشركين مع الرسول صلى الله عليه وسلم وما كانوا يضمرونه له من البغض والحسد وما يرمونه به من الاتهامات الباطلة كالجنون والسحر والكذب.