التفاسير

< >
عرض

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً
١
يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً
٢
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً
٤
وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
٥
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً
٦
وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً
٧
-الجن

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
أنه استمع: أي إلى قراءتي.
نفر من الجن: أي عدد من الجن ما بين الثلاثة والعشرة.
قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا: أي لبعضهم بعضاً قرآنا عجبا أي يتعجب منه لفصاحته وغزارة معانيه.
يهدي إلى الرشد: أي الصواب في المعتقد والقول والعمل.
وأنه تعالى جد ربنا: أي تنزه جلال ربنا وعظمته عما نسب إليه.
ما اتخذ صاحبة ولا ولدا: أي لم يتخذ صاحبة ولم يكن له ولد.
سفيهنا: أي جاهلنا.
شططا: أي غلوا في الكذب بوصفه الله تعالى بالصاحبة والولد.
على الله كذبا: حتى تبين لنا أنهم يكذبون على الله بنسبة الزوجة والولد إليه.
يعوذون: أي يستعيذون.
فزادوهم رهقا: أي إثما وطغيانا.
أن لن يبعث الله أحدا: أي لن يبعث رسولا إلى خلقه.
معنى الآيات:
قوله تعالى { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } يأمر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول معلنا للناس مؤمنهم وكافرهم أنه قد أوحى الله تعالى إليه نبأ مفاده أن نفرا من الجن ما بين الثلاثة إلى العشرة قد استمعوا إلى قراءته القرآن وذلك ببطن نخلة والرسول يصلي بأصحابه صلاة الفجر وكان الرسول صلى الله عليه وسلم عامدا مع أصحابه إلى سوق عكاظ. وكان يومئذ قد حيل بين الشياطين وخبر السماء حيث أرسلت عليهم الشهب فراجع الشياطين بعضهم بعضا فانتهوا إلى أن شيئا حدث لا محالة فانطلقوا يضربون في مشارق الأرض ومغاربها يتعرفون إلى هذا الحدث الجلل الذي مُنِعت الشياطين بسببه من السماء فتوجه نفر منهم إلى تهامة فوجدوا الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح بأصحابه فاستمعوا إلى قراءته في صلاته فرجعوا إلى قومهم من الجن فقالوا { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } فأنزل الله تعالى هذه السورة "سورة الجن" مفتتحة بقوله { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ } أي أعلن للناس يا رسولنا أن الله قد أوحى إليك خبرا مفاده أن نفرا من الجن قد استمعوا إلى قراءتك فرجعوا إلى قومهم وقالوا لهم { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً } أي يتعجب من فصاحته وغزارة معانيه. يهدي إلى الرشد والصواب في العقيدة والقول والعمل { فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } وفي هذا تعريض بسخف البشر الذين عاش الرسول بينهم إحدى عشرة سنة يقرأ عليهم القرآن بمكة وهم مكذبون به كارهون له مصرون على الشرك والجن بمجرد أن سمعوه آمنوا به وحملوا رسالته إلى قومهم وها هم يدعون بدعاية الاسلام ويقولون { فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا } أي وآمنا بأنه تعالى أمر ربنا وسلطانه ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وحاشاه وإنما نسب إليه ذلك المفترون. { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } هذا من قول الجن واصلوا حديثهم قائلين وأنه كان يقول جاهلونا على الله شططا أي غلوا في الكذب بوصفهم الله تعالى بالصاحبة والولد تقليدا للمشركين واليهود والنصارى { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي وقالوا لقومهم وإنا كنا نظن أن الإِنس والجن لا يكذبون على الله ولا يقولون عليه إلا الصدق وقد علمنا الآن أنهم يكذبون على الله ويقولون عليه ما لم يقله وينسبون إليه ما هو منه براء. وقالوا { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } يخبرون بخبر عجيب وهو أنه كان رجال من الناس من العرب وغيرهم إذا نزلوا منزلا مخوفا في واد أو شعب يستعيذون برجال من الجن كأن يقول الرجل أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فزاد الإِنس الجن بهذا اللجأ إليهم والاحتماء بهم رهقا أي إثما وطغيانا. إذ ما كانوا يطمعون أن الإِنس تعظمهم هذا التعظيم حتى تستجير بهم. وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا أي وقالوا مخبرين قومهم وأنهم أي الإِنس ظنوا كما ظننتم أنتم أيها الجن أن لن يبعث الله أحدا رسولا ينذر الناس عذاب الله ويعلمهم ما يكملهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير النبوة المحمدية وأن محمدا رسول للثقلين الإِنس والجن معاً.
2- بيان علو شأن القرآن وكماله حيث شهدت الجن له بأنه عجب فوق مستوى كلام الخلق.
3- تقرير التوحيد والتنديد بالشرك.
4- تقرير أن الإِنس كالجن قد يكذبون على الله وما كان لهم ذلك.
5- حرمة الاستعانة بالجن والاستعاذة بهم لأن ذلك كالعبادة لهم.