التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ
١
قُمْ فَأَنذِرْ
٢
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ
٣
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
٤
وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ
٥
وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ
٦
وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ
٧
فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ
٨
فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ
٩
عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
١٠
-المدثر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
يا أيها المدثر: أي يا أيها المدثر أي المُتلفف في ثيابه وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
قم فأنذر: أي خَوف أهل مكة النار إن لم يؤمنوا ويوحدوا.
وربك فكبر: أي عظم ربك من إشراك المشركين.
وثيابك فطهر: أي طهر ثيابك من النجاسات.
والرجز فاهجر: أي أدم هجرانك للأوثان.
ولا تمنن تستكثر: أي لا تمنن على ربك ما تقوم به من أعمال لأجله طاعة له.
فإِذا نقر في الناقور: أي نفخ في الصور النفخة الثانية.
معنى الآيات:
قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } أي المتلفف في ثيابه والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم روى الزهري قال فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة فحزن حزناً فجعل يعدو شواهق رؤوس الجبال ليتردّى منها فكلما أوفى بذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السلام فيقول إنك نبيّ الله فيسكن جأشه وتسكن نفسه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن ذلك فقال
"بينما أنا أمشي يوما إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء على كرسيّ بين السماء والأرض فجئثت منه رعبا فرجعت إلى خديجة فقلت زملوني" فزملناه أي فدثرناه فأنزل الله يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر قال الزهري فأول شيء أنزل عليه اقرأ باسم ربّك الذي خلق خلق الإِنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإِنسان ما لم يعلم. وعليه فهذا النداء الإِلهي كان بعد فترة الوحي الأولى ناداه ملقبا له بهذا اللقب الجميل تكريما وتلطفا معه ليقوم بأعباء الدعوة وما أشد ثقلها، ومن يقدر عليها إنها أعباء ثقيلة اللهم لقد أُعنت عليها رسولك فأعني على قدر ما أقوم به منها، وإن كان ما أقوم به منها لا يساوي جمرة من لظى ولا قطرة من ماء السماء. يا أيها المدثر في ثيابه يا محمد رسولنا قم فأنذر لم يبق لك مجال للنوم والراحة فأنذر قومك في مكة وكل الثقلين من وراء مكة أنذرهم عذاب النار المترتب على الكفر والشرك بالواحد القهار وربك فكبر أي وربّك فعظمه تعظيماً يليق بجلاله وكماله فإِنه الأكبر الذي لا أكبر منه والعظيم الذي لا أعظم منه فأعلن عن ذلك بلسانك قائلا الله أكبر وبحالك فلا تذل إلا له ولا ترغب إلا فيه وكبره بأعمالك فلا تأت منها إلاّ ما أذن لك فيه أو أمرك به { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أي طهر ثيابك من النجاسات مخالفاً بذلك ما عليه قومك؛ إذ يجرون ثيابهم ولا يتنزهون من أبوالهم { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } أي والأصنام التي يعبدها قومك فاهجرها فلا تقربها ودُم على هجرانها على دعوتك أجرا، ولا تمنن عطاء أعطيته لغيرك تستكثر به ما عندك إن ذاك مناف لأجمل الأخلاق وكريم السجايا وسامي الآداب. ولربك وحده دون سواه فاصبر على كل ما تلقاه في سبيل إبلاغ رسالتك ونشر دعوتك دعوة الخير والكمال هذا الذي أدب به الله رسول الله في فاتحة دعوته. ثم نزل بعد فإِذا نقر في الناقور والناقور البوق الذي ينفخ فيه إسرافيل والنقر يُحدث صوتا والصوت هو صوت البوق والمراد به النفخة الثانية نفخة البعث والجزاء فإِذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير صعب شديد لا يحتمل ولا يطاق على الكافرين غير يسير فذكر به من تدعوهم فإِن التذكير به نافع إن شاء الله، ولذا كان من أعظم أركان العقيدة التي إن تمكنت من النفس تهيأ صاحبها لحمل كل ثقيل ولإِنفاق كل غال ورخيص ولفراق الأهل والدار الإِيمان بالله واليوم الآخر إذ هما محور العقيدة وعليهما مدار الإِصلاح والهداية.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- الجد طابع المسلم، فلا كسل ولا خمول ولا لهو ولا لعب ومن فارق هذه فليتهم نفسه في إسلامه.
2- وجوب تعظيم أسمائه وصفاته وتعظيم كلامه وكتابه، وتعظيم شعائره وتعظيم ما عظم.
3- وجوب الطهارة للمؤمن بدناً وثوبا ومسجداً. أكلاً وشرباً وفراشاً ونفساً وروحا.
4- حرمة العجب فلا يعجب المؤمن بعمله ولا يزكي به نفسه ولو صام الدهر، وأنفق الصخرة وجاهد الدهر.
5- وجوب الصبر على الطاعات فعلا وعلى المعاصي تركاً وعلى البلاء تسليما ورضا.