التفاسير

< >
عرض

ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
١١
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً
١٢
وَبَنِينَ شُهُوداً
١٣
وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً
١٤
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ
١٥
كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً
١٦
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
١٧
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ
١٨
فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
١٩
ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
٢٠
ثُمَّ نَظَرَ
٢١
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
٢٢
ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ
٢٣
فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ
٢٤
إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ
٢٥
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ
٢٦
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ
٢٧
لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ
٢٨
لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ
٢٩
عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ
٣٠
-المدثر

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
ذرني ومن خلقت وحيدا: أي اتركني ومن خلقته وحيداً منفرداً بلا مال ولا ولد فأنا أكفيكه.
وبنين شهودا: أي يشهدون المحافل وتُسمع شهادتهم وأغلب الوقت حاضرون ولا يغيبون.
ومهدت له تمهيدا: أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه حتى كان يلقب بريحانة قريش.
عنيدا: أي معانداً وهو الوليد بن المغيرة المخزومي.
سأرهقه صعودا: أي سأكلفه يوم القيامة صعود جبل من نار كلما صعد فيه هوى في النار أبداً.
إنه فكر وقدّر: أي فيما يقول في القرآن الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقدر في نفسه ذلك.
ثم نظر ثم عبس وبسر: أي تروَّى في ذلك ثم عبس أي قبض ما بين عينيه ثم يسر أي كلح وجهه.
ثم أدبر واستكبر: أي عن الإِيمان واستكبر عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.
سحر يؤثر: أي ينقل من السحرة كمسيلمة وغيره.
سأصليه سقر: سأدخله جهنم وسقر اسم لها يدخله فيها لإِحراقه بنارها.
لا تبقي ولا تذر: أي لا تترك شيئا من اللحم ولا العصب إلا أهلكته ثم يعود كما كان لإِدامة العذاب.
لواحة للبشر: أي محرقة مسودة لظاهر جلد الإِنسان وهو بشرته والجمع بشر.
عليها تسعة عشر: أي ملكاً وهم خزنتها.
معنى الآيات:
لقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبء الدعوة وأمر بالصبر وشرع صلى الله عليه وسلم في إنذار قومه وبدأت المعركة كأحرّ وأشد ما تكون إذ أعلم قومه وهم من هم أنه لا إله إلا الله وأنه هو رسول الله فتصدى له طاغية من أعظم الطغاة ساد الوادي مالاً وولداً وجاهاً عريضا حتى لقب بريحانة قريش هذا هو الوليد بن المغيرة صاحب عشرة رجال من صلبه وآلاف الدنانير من الذهب فلما أرهب رسول الله وأخافه قال له ربّه تبارك وتعالى { ذَرْنِي } أي دعني والذي خلقته { وَحِيداً } فريداً بلا مال ولا ولد، { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } واسعا تمده به الزراعة والتجارة فصلا بعد فصل ويوما بعد يوم، { وَبَنِينَ شُهُوداً } لا يغيبون كما يغيب الذين يطلبون العيش كما أنهم لمكانتهم يستشهدون فيشهدون فهم شهود على غيرهم. ويشهدون المحافل وغيرها. { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه العريض في ديار قومه، { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } أي أن أزيده من المذكور في الآيات { كَلاَّ } أي لن أزيده بعد اليوم، وعلل تعالى لمنعه الزيادة بقوله: { إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا } "القرآنية" { عَنِيداً } أي معانداً يحاول إبطالها بعد رفضه لها. { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } أي سأكلفه عذابا شاقا لا قبل له به وذلك جبل من نار في جهنم يكلف صعوده كلما صعد سقط وذلك أبداً. وعلل أيضا لهذا العذاب الذي أعده له وأوعده به فقال تعالى { إِنَّهُ فَكَّرَ } أي فيما يقول في القرآن لما طلبت منه قريش أن يقول فيه ما يراه من صلاح أو فساد. { وَقَدَّرَ } في نفسه { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } أي لعن كيف قدر ذلك التقدير الذي هو قوله { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ }. { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } فلعنه الله لعنتين تلازمانه واحدة في الدنيا والأخرى في الآخرة وقوله تعالى عنه { ثُمَّ نَظَرَ } أي ترّوى { ثُمَّ عَبَسَ } أي قطب فقبض ما بين عينيه { وَبَسَرَ } أي كلح وجهه فاسودّ. فقال اللعين نتيجة تفكير وتقدير ونظر { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } أي ما هذا القرآن إلا سحر ينقل عن السحرة في اليمين ونجد والحجاز { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ } أي ما هذا الذي يتلوه محمد صلى الله عليه وسلم إلا قول البشر قال تعالى موعداً إياه على قولته الكافرة الفاجرة { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } أي سأدخله نار سقر يصطلي بنارها، ثم عظّم تعالى من شأن سقر فقال { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } أي أي شيء يدريك ما هي وما شأنها فإِنها عظيمة { لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } أي لا تبقي لحما ولا تذر عصبا بل تأتي على الكل لواحة للبشر أي تحرق الجلود وتسوّدها. والبشر جمع بشرة الجلدة ومن ذلك سمي الآدميون بشرا لأن بشرتهم مكشوفة ليست مستورة بوبر ولا صوف ولا شعر ولا ريش. وقوله تعالى { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } أي على سقر ملائكة يقال لهم الخزنة عدتهم تسعة عشر ملكاً لقد كان لنزول هذه الآية سبب معروف وهو أن قريشا اتهمت الوليد بأنه صبا أي مال إلى دين محمد فسمع ذلك منهم فأنكر وحلف لهم فطلبوا إليه إن كان صادقا أن يقول في القرآن كلمة يصرف بها العرب عن محمد وما يقوله ويدعو إليه فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ويقرأ في صلاته فاستمع إليه ففكر وقدر كما أخبر تعالى عنه في هذه الآيات وقال قولته الفاجرة الكافرة. إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر بعد أن وصف القرآن وصفا دقيقا بقوله ووالله إن لقوله لحلاوة وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو ولا يُعلى أي عليه فقالوا والله لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه فقال دعوني حتى أفكر ففكر وقال ما تقدم فنزلت هذه الآيات { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } إلى قوله { تِسْعَةَ عَشَرَ }.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- المال والبنون والجاه من عوامل الطغيان إلاّ أن يُسلّم الله عبده من فتنتها.
2- من أكفر الناس من يعاند في آيات الله يريد صرف الناس عنها وإبطال هدايتها.
3- بيان ما ظفر به طاغية قريش الوليد بن المغيرة من لعنة وعذاب شديد.
4- تقرير الوحي وإثبات النبوة المحمدية.
5- تقرير البعث والجزاء.