التفاسير

< >
عرض

لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ
١
وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ
٢
أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ
٣
بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ
٤
بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ
٥
يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ
٦
فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ
٧
وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ
٨
وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ
٩
يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ
١٠
كَلاَّ لاَ وَزَرَ
١١
إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ
١٢
يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ
١٣
بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
١٤
وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ
١٥
-القيامة

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
لا: أي ليس الأمر كما يدعي المشركون من أنه لا بعث ولا جزاء.
أقسم بيوم القيامة: أي الذي كذب به المكذبون.
ولا أقسم بالنفس اللّوامة: أي لتُبعثن ولتحاسبن ولتعاقبن أيها المكذبون الضالون.
اللوامة: أي التي إن أحسنت لامت عن عدم الزيادة وإن أساءت لامت عن عدم التقصير.
أيحسب الإِنسان: أي الكافر الملحد.
أن لن نجمع عظامه: أي ألاّ نجمع عظامه لنحييه للبعث والجزاء.
بلى قادرين: أي بلى نجمعها حال كوننا قادرين مع جمعها على تسوية بنانه.
على أن نسوي بنانه: أي نجعل أصابعه كخف البعير أو حافر الفرس فلا يقدر على العمل الذي يقدر عليه الآن مع تفرقة أصابعه. كما نحن قادرون على جمع تلك العظام الدقيقة عظام البنان وردّها كما كانت كما نحن قادرون على تسوية تلك الخطوط الدقيقة في الأصابع والتي تختلف بين إنسان وإنسان اختلاف الوجوه والأصوات واللهجات.
بل يريد الإِنسان: أي بإِنكار البعث والجزاء.
ليفجر أمامه: أي ليواصل فجوره زمانه كله ولذلك أنكر البعث.
يسأل أيان يوم القيامة: أي يسأل سؤال استنكار واستهزاء واستخفاف.
فإِذا برق البصر: أي دهش وتحير لمّا رأى ما كان به يكذب.
وخسف القمر: أي أظلم بذهاب ضوئه.
وجمع الشمس والقمر: أي ذهب ضوءهما وذلك في بداية الانقلاب الكوني الذي تنتهي فيه هذه الحياة.
أين المفر: أي إلى أين الفرار.
كلا: ردع له عن طلب الفرار.
لا وزر: أي لا ملجأ يتحصن به.
بل الإِنسان على نفسه بصيرة: أي هو شاهد على نفسه حيث تنطق جوارحه بعمله.
ولو ألقى معاذيره: أي فلا بد من جزائه ولو ألقى معاذيره.
معنى الآيات:
قوله تعالى { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } أي ما الأمر كما تقولون أيها المنكرون للبعث والجزاء أقسم بيوم القيامة الذي تنكرون وبالنفس اللوامة التي ستحاسب وتجرى لا محالة لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير. وقوله تعالى { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } أي بعد موته وفنائه وتفرق أجزائه في الأرض، والمراد من الإِنسان هنا الكافر الملحد قطعاً { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } أي بلى نجمعها حال كوننا قادرين على ذلك وعلى ما هو أعظم وهو تسوية بنانه أي أصابعه بأن نجعلها كخف البعير أو حوافر الحمير، فيصبح يتناول الطعام بفمه كالكلب والبغل والحمار. وقوله { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } أي ما يجهل الإِنسان قدرة خالقه على إعادة خلقه ولكنه يريد أن يواصل فجوره مستقبله كله فلا يتوب من ذنوبه ولا يؤوب من معاصيه لأن شهواته مستحكمة فيه، وقوله تعالى { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ }؟ يخبر تعالى عن المنكر للبعث من أجل مواصلة الفجور من زنا وشرب خمور بأنه يقول أيّان يوم القيامة استبعادا واستنكارا وتسويفا للتوبة فبيّن تعالى له وقت مجيئه بقوله { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } أي عند الموت بأن تحير واندهش { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } أي أظلم وذهب ضوءه، { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } أي ذهب ضوءهما وذلك في بداية الانقلاب الكوني الذي تنتهي فيه هذه الحياة { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ } الكافر { يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ }؟ أي إلى أين الفرار يا ترى؟ قال تعالى { كَلاَّ } أي لا فرار اليوم من قبضة الجبار أيها الإِنسان الكافر { لاَ وَزَرَ } اي لا حصن ولا ملتجأ وإنما { إِلَىٰ رَبِّكَ } اليوم { ٱلْمُسْتَقَرُّ } أي الانتهاء والاستقرار إما إلى جنة وإما إلى نار وقوله تعالى { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } أي يوم تقوم الساعة يخبّر الإِنسان من قبل ربّه تعالى بما قدم من أعماله في حياته الخير والشر سواء وبما أخر بعد موته من سنة حسنة سنّها أو سيئة كذلك وقوله تعالى { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } أي عندما يتقدم الإِنسان للاستنطاق فيخبر بما قدم وأخر هناك يحاول أن يتنصل من بعض ذنوبه فتنطق جوارحه ويختم على لسانه فيتخذ من جوارحه شهود عليه فتلك البصيرة ولو ألقى معاذيره واعتذر ولا يقبل منه ذلك لكونه شاهدا على نفسه بجوارحه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- بيان إفضال الله على العبد في خلقه وتركيب أعضائه.
3- معجزة قرآنية أثبتها العلم الصناعي الحديث وهي عدم تسوية خطوط الأصابع.
4- فكما خالف تعالى بين الإِنسان والإِنسان وبين صوت وصوت فَرَّق بين خطوط الأصابع فلذا استعملت في الإمضاءات وقبلت في الشهادات.
5- تقرير مبدأ أن المؤمن يثاب على ما أخر من سنة حسنة يُعمل بها بعده كما يأثم بترك السنة السيئة يُعمل بها كذلك بعده.