التفاسير

< >
عرض

قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ
١٧
مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ
١٨
مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
١٩
ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ
٢٠
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ
٢١
ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ
٢٢
كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ
٢٣
فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
٢٤
أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً
٢٥
ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً
٢٦
فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً
٢٧
وَعِنَباً وَقَضْباً
٢٨
وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً
٢٩
وَحَدَآئِقَ غُلْباً
٣٠
وَفَاكِهَةً وَأَبّاً
٣١
مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ
٣٢
-عبس

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
قتل الإِنسان: لعن الإِنسان الكافر.
ما أكفره: أي ما حمله على الكفر؟.
من أي شيء خلقه: من نطفة خلقه.
فقدّره: أي من نطفة إلى علقة غلى مضغة فبشر سويّ.
ثم السبيل يسره: أي سبيل الخروج من بطن أمه.
إذا شاء أنشره: أي إذا شاء إحياءه أحياه.
كلا: حقا أو ليس الأمر كما يدعي الإِنسان أنه أدى ما عليه من الحقوق.
لما يقض ما أمره: أي ما كلفه به من الطاعات والواجبات في نفسه وماله.
إلى طعامه: أي كيف قدر ودبر له.
حبا وعنبا: أي الحب الحنطة والشعير والعنب هو المعروف.
وقضبا: أي ألقت الرطب وسمي قضبا لأنه يقضب أي يقطع مرة بعد مرة.
وحدائق غلبا: أي كثيرة الأشجار والواحدة غلباء كحمراء كثيفة الشجر.
وفاكهة وأبا: أي ما يتفكه به من سائر الفواكه والأب التبن وما ترعاه البهائم.
متاعا لكم ولأنعامكم: أي ما تقدم ذكره منفعة لكم ولأنعامكم التي هي الإِبل والبقر والغنم.
معنى الآيات:
بعدما عاتب الربّ تبارك وتعالى رسوله على انشغاله بأولئك الكفرة المشركين وإعراضه عن ابن أم مكتوم الأعمى فكان أولئك المشركون هم السبب في إعراض الرسول صلى الله عليه وسلم عن ابن أم مكتوم وفي عتاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم فاستوجبوا لذلك لعنة الله تعالى عليهم لكفرهم وكبريائهم جَرَّدَ الله تعالى شخصا منهم غير معلوم والمراد كل كافر متكبر مثلهم فقال { قُتِلَ ٱلإِنسَانُ } أي الكافر { مَآ أَكْفَرَهُ } أي ما حمله على الكفر والكبر. فلينظر { مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } ربَّه الذي يكفر به؟ إنه خلقه من نطفة قذرة { خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } أي أطوارا نطفة فعلقة فمضغة. أمن كان هذا حاله يليق به أن يكفر ويتكبر ويستغني عن الله؟ فلينظر إلى مبدئه ومنتهاه وما بينهما مبدأه نطفة مذرة وآخره جيفة قذرة. وهو بينهما حامل عذرة. كيف يكفر وكيف يتكبر؟ وقوله تعالى { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } فلولا أن الله تعالى يسر له طريق الخروج من بطن أمه والله ما خرج. { ثُمَّ أَمَاتَهُ } بدون استشارته ولا أخذ رأيه { فَأَقْبَرَهُ } هيأ له من يقبره وإلا لأنتن وتعفن وأكلته الكلاب، { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } { كَلاَّ }. أما يصحو هذا المغرور أما يفيق هذا المخدوع. { لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } فما له لا يقضي ما أمره ربّه من الإِيمان به وطاعته { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } الذي حياته متوقفة عليه كيف يتم له بتقدير الله تعالى وتدبيره لعله يذكر فيشكر { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } كالبر والشعير والذرة وسائر الحبوب المقتاتة وعنبا يأكله رطبا ويابسا { وَقَضْباً } وهو القت الرطب يقضب أي يقطع مرة بعد مرة وهو علف البهائم، { وَزَيْتُوناً } يأكله حبا ويدهن به زيتا { وَنَخْلاً } يأكله ثمره بسرا ورطبا وتمرا { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } أي بساتين ملتفة الأشجار كثيرتها الواحدة غلباء { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } الفاكهة لكم والأب علف لدوابكم { مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } أي هذه المذكورات بعضها متاعا لكم أي منافع تتمتعون بها وبعضها لأنعامكم وهو القضب والأب منفعة لها تعيش عليها فبأي وجه تكفر ربك يا أيها الإِنسان الكافر؟.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته وهي مقتضية للإِيمان به وبآياته ورسوله ولقائه.
2- الاستدلال بالصنعة على الصانع. وأن أثر الشيء يدل عليه، ولذا يتعجب من كفر الكافر بربه وهو خلقه ورزقه وكلأ حياته وحفظ وجوده إلى أجله.
3- بيان أن الإِنسان لا يزال مقصراً في شكر ربّه ولو صام الدهر كله وصلى في كل لحظة من لحظاته.