التفاسير

< >
عرض

وَٱلضُّحَىٰ
١
وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ
٢
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ
٣
وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ
٤
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ
٥
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ
٦
وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ
٧
وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ
٨
فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
٩
وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ
١٠
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
١١
-الضحى

أيسر التفاسير

شرح الكلمات:
والضحى: أي أول النهار ما بين طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى الزوال.
والليل إذا سجى: غطى بظلامه المعمورة وسكن فسكن الناس وخلدوا إلى الراحة.
ما ودعك: أي ما تركك ولا تخلى عنك.
وما قلى: أي ما أبغضك.
ألم يجدك يتيما: أي فاقد الأب إذ مات والده قبل ولادته.
فآوى: أي فآواك بأن ضمك إلى عمك أبي طالب.
ووجدك ضالا: أي لا تعرف دينا ولا هدى.
ووجدك عائلا: أي فقيرا.
فأغنى: أي بالقناعة، وبما يسرَّ لك من مال خديجة وأبي بكر الصديق.
فلا تقهر: أي لا تذله ولا تأخذ ماله.
فلا تنهر: أي لا تنهره بزجر ونحوه.
وأما بنعمة ربك فحدث: أي اذكر ما أنعم الله تعالى به عليك شكرا له على ذلك.
معنى الآيات:
قوله تعالى { وَٱلضُّحَىٰ وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } هذا قسم من الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أقسم له به على أنه ما تركه ولا أبغضه. وذلك أنه أبطأ عنه الوحي أياما فلما رأى ذلك المشركون فرحوا به وعيَّروه فجاءت امرأة وقالت ما أرى شيطانك إلا قد تركك. فحزن لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سورة الضحى يقسم له فيها بالضحى وهو أول النهار من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى ما قبل الزوال بقليل، وبالليل إذا سجى أي غطى بظلامه المعمورة وسكن فسكن الناس وخلدوا إلى الراحة فيه { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } يا محمد أي تركك { وَمَا قَلَىٰ } أي ما أبغضك { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } أي الدنيا وذلك لما أعد الله لك فيها من الملك الكبير والنعيم العظيم المقيم. وسوف يعطيك ربك من فواضل نعمه حتى ترضى في الدنيا من كمال الدين وظهور الأمر في الآخرة الشفاعة وأن لا يبقى أحد من أمته أهل التوحيد في النار والوسيلة والدرجة الرفيعة التي لا تكون لأحد سواه.
وقوله تعالى { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } هذه ثلاث منن لله تعالى على رسوله منَّها عليه وذكّره بها ليوقن أن الله معه وله وأنه ما تركه ولن يتركه وحتى تنتهي فرحة المشركين ببطء الوحي وتأخّره بضعة أيام. فالمنّة الأولى أن والد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات عقب ولادته وأمه ماتت بعيد فطامه فآواه ربّه بأن ضمّه إلى عمه أبي طالب فكان أبا رحيما وعما كريما له وحصنا منيعا له، ولم يتخل عن نصرته والدفاع عنه حتى وفاته والثانية منّة العلم والهداية فقد كان صلى الله عليه وسلم يعيش في مكة كأحد رجالاتها لا يعرف علما ولا شرعا وإن كان معصوما من مقارفة أي ذنب أو ارتكاب أية خطيئة إلا أنه ما كان يعرف إيمانا ولا إسلاما ولا شرعا كما قال تعالى:
{ { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } [الشورى: 52] والثالثة منَّته عليه بالغنى بعد الحاجة فقد مات والده ولم يخلّف أكثر من جارية هي بركة أم أيمن وبضعة جمال، فأغناه الله بغنى القناعة فلم يمد يده لأحد قط وكان يقول "ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغني غني النفس" هذه ثلاث منن إلهيّة وما أعظمها والمنة تتطلب شكرا والله يزيد على الشكر ومن هنا أرشد الله تعالى رسوله إلى شكر تلك النعم ليزيده عليها فقال فأما { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } لا تقهره بأخذ ماله أو إذلاله أو أذاه ذاكرا رعاية الله تعالى لك أيام يتمك. { وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ } وهو الفقير المسكين وذو الحاجة يسألك ما يسدّ خلّته فاعطه ما وجدت عطاءً أو ورده بكلمة طيبة تشرح صدره وتخفف ألم نفسه ولا تنهره بزجر عنيف ولا بقول غير لطيف ذاكرا ما كنت عليه من حاجة وما كنت تشعر به من احتياج { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } أي اشكر نعمة الإِيمان والإِحسان والوحي والعلم والفرقان وذلك بالتحدث بها ابلاغا وتعليما وتربية وهداية فذاك شكرها والله يحب الشاكرين هكذا أدّب الله جل جلاله ورسوله وخليله فأكمل تأديبه وأحسه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- الدنيا لا تخلو من كدر وصدق الله العظيم
{ { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } [البلد: 4].
2- بيان علو المقام المحمدي وشرف مكانته.
3- مشروعية التذكير بالنعم والنقم حملا للعبد على الصبر والشكر.
4- وجوب شكر النعم بصرفها في مرضاة المنعم عز وجل.
5- تقرير معنى الحديث
"إذا أنعم الله تعالى على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه" .