يخبر تعالى عن تخاصم أهل النار، وعتاب بعضهم بعضًا واستغاثتهم بخزنة النار، وعدم الفائدة في ذلك فقال: { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ } يحتج التابعون بإغواء المتبوعين، ويتبرأ المتبوعون من التابعين، { فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ } أي: الأتباع للقادة { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } على الحق، ودعوهم إلى ما استكبروا لأجله. { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أنتم أغويتمونا وأضللتمونا وزينتم لنا الشرك والشر، { فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ } أي: ولو قليلا.
{ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } مبينين لعجزهم ونفوذ الحكم الإلهي في الجميع: { إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ } وجعل لكل قسطه من العذاب، فلا يزاد في ذلك ولا ينقص منه، ولا يغير ما حكم به الحكيم.
{ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ } من المستكبرين والضعفاء { لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ } لعله تحصل بعض الراحة.
فـ { قَالُوا } لهم موبخين ومبينين أن شفاعتهم لا تنفعهم، ودعاءهم لا يفيدهم شيئًا: { أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } التي تبينتم بها الحق والصراط المستقيم، وما يقرب من الله وما يبعد منه؟
{ قَالُوا بَلَى } قد جاءونا بالبينات، وقامت علينا حجة الله البالغة فظلمنا وعاندنا الحق بعد ما تبين. { قَالُوا } أي: الخزنة لأهل النار، متبرئين من الدعاء لهم والشفاعة: { فَادْعُوا } أنتم ولكن هذا الدعاء هل يغني شيئا أم لا؟
قال تعالى: { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ } أي: باطل لاغ، لأن الكفر محبط لجميع الأعمال صادّ لإجابة الدعاء.