التفاسير

< >
عرض

وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ
١٠٤
يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ
١٠٥
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
١٠٦
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ
١٠٧
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
١٠٨
فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ
١٠٩
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
١١٠
وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١١١
فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١٢
وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
١١٣
-هود

تفسير القرآن

{ وَمَا نُؤَخِّرُهُ } يعني ذلك اليوم { إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } لوقت معلوم { يَوْمَ يَأْتِ } ذلك اليوم { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ } لا تشفع نفس صالحة لأحد { إِلاَّ بِإِذْنِهِ } بأمره { فَمِنْهُمْ } من الناس يومئذٍ { شَقِيٌّ } قد كتب عليه الشقاوة { وَسَعِيدٌ } قد كتب له السعادة { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ } كتب عليهم الشقاوة { فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } صوت كزفير الحمار في صدره وهو أول ما ينهق { وَشَهِيقٌ } كشهيق الحمار في حلقه وهو آخر ما يفرغ من نهيقه { خَالِدِينَ فِيهَا } دائمين في النار { مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ } كدوام السموات والأرض منذ خلقت إلى أن تفنى { إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ } وقد شاء ربك أن يخلدوا في النار ويقال يخلد من كتب عليه الشقاوة ما دامت السموات والأرض وبنو آدم إلا ما شاء ربك أن يحوله من الشقاوة إلى السعادة بقوله يمحو الله ما يشاء ويثبت ويقال يكونون دائمين في النار ما دامت السموات والأرض سماء النار وأرض النار إلا ما شاء ربك أن يخرجهم من أهل التوحيد من كانت شقاوته بذنب دون الكفر فيدخله الجنة بإيمانه خالصاً { إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } كما يريد { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ } كتب لهم السعادة { فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا } دائمين في الجنة { مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ } كدوام السموات والأرض منذ خلقنا { إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ } وقد شاء ربك أن يحوله من السعادة إلى الشقاوة لقوله يمحو الله ما يشاء من السعادة إلى الشقاوة ويثبت ويترك ويقال يكونون في الجنة دائمين ما دامت السموات والأرض سماء الجنة وأرض الجنة إلا ما شاء ربك أن يعذبه في النار قبل أن يدخله الجنة ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة فيكون بعد ذلك دائماً في الجنة { عَطَآءً } ثواباً لهم { غَيْرَ مَجْذُوذٍ } غير منقوص وغير مقطوع { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ } في شك { مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ } أهل مكة { مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ } من قبلهم وهلكوا على ذلك { وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ } عقوبتهم { غَيْرَ مَنقُوصٍ } ويقال نزلت هذه الآية { وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ } في القدرية { وَلَقَدْ آتَيْنَا } أعطينا { مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } يعني التوراة { فَٱخْتُلِفَ فِيهِ } في كتاب موسى آمن به بعض وكفر به بعض { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ } وجبت { مِن رَّبِّكَ } بتأخير العذاب عن أمتك { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } لفرغ من هلاكهم ولجاءهم العذاب { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } ظاهر الشك { وَإِنَّ كُـلاًّ } كلا الفريقين { لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ } يقول يوفرهم { رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ } ثواب أعمالهم بالحسن حسناً بالسيّئ سيئاً { إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ } من الخير والشر والثواب والعقاب { خَبِيرٌ فَٱسْتَقِمْ } على طاعة الله { كَمَآ أُمِرْتَ } في القرآن { وَمَن تَابَ مَعَكَ } من الكفر والشرك أيضاً فليستقم معك { وَلاَ تَطْغَوْاْ } لا تكفروا ولا تعصوا بما في القرآن من الحلال والحرام { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الخير والشر { بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ } لا تميلوا { إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أنفسهم بالكفر والشرك والمعاصي { فَتَمَسَّكُمُ } فتصيبكم { ٱلنَّارُ } كما تصيبهم { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } من عذاب الله { مِنْ أَوْلِيَآءَ } من أقرباء تحفظكم من عذاب الله { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } لا تمنعون بما يراد بكم.