التفاسير

< >
عرض

ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ
٩
قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
١٠
قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ
١١
أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
١٢
قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ
١٣
قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ
١٤
فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
١٥
وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ
١٦
قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
١٧
وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ
١٨
وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
١٩
-يوسف

تفسير القرآن

{ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً } في جب { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } يقول يقبل عليكم أبوكم بوجهه { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ } من بعد قتله { قَوْماً صَالِحِينَ } تائبين من قتله ويقال صلحت حالكم مع أبيكم { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ } من إخوة يوسف وهو يهوذا لإخوته { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ } ولكن اطرحوه { فِي غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ } في أسفل الجب ويقال في ظلمته { يَلْتَقِطْهُ } يرفعه { بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } ماري الطريق من المسافربن { إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } به أمراً ثم جاؤوا إلى أبيهم { قَالُواْ } لأبيهم { يَـٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } حافظون { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ } يذهب ويجيء وينشط { وَيَلْعَبْ } يله { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } مشفقون { قَالَ } أبوهم { إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ } فلا أراه { وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ } لأنه رأى في منامه أن ذئباً يشتد عليه فمن ذلك قال وأخاف أن يأكله الذئب { وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } باللعب ويقال مشغولون بعملكم { قَالُواْ } لأبيهم { لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } عشرة { إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } لعاجزون ويقال مغبونون بترك حرمة الوالد والأخ { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ } بعد ما أذن لهم بذهابه { وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ } يقول اجتمعوا على أن يطرحوه { فِي غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ } في أسفل الجب { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ } إلى يوسف أرسلنا إليه جبريل ويقال ألهمه { لَتُنَبِّئَنَّهُمْ } لتخبرنهم يا يوسف { بِأَمْرِهِمْ } بصنيعهم { هَـٰذَا } بك { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } وهم لا يعلمون أنك يوسف حتى تخبرهم ويقال لا يعلمون بوحينا إلى يوسف { وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ } إلى أبيهم { عِشَآءً } بعد الظهر { يَبْكُونَ } على يوسف { قَالُواْ يَـٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ } ننتضل ونصطاد { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا } ليحفظه { فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ } كما قلت { وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ } بمصدق { لَّنَا وَلَوْ كُنَّا } إن كنا { صَادِقِينَ } في قولنا { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ } لطخوا على قميصه { بِدَمٍ كَذِبٍ } دم جدي ويقال طري إن قرأت بالدال { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ } زينت { لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } في هلاك يوسف ففعلتم { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } فعلى صبر جميل بلا جزع { وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ } منه أستعين { عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } على صبري على ما تقولون من هلاكه ولم يصدقهم في قولهم لأنهم قالوا مرة أخرى قبل هذا قتله اللصوص { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ } قافلة من المسافرين من قبل مدين يريدون مصر فتحيروا في الطريق فاخطؤوا الطريق فجعلوا يهيمون في الأرض حتى وقعوا في الأراضي التي فيها الجب وهي أرض دوثن بين مدين ومصر فنزلوا عليه { فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } فأرسل كل قوم طالب الماء وهو ساقيهم فوافق جب يوسف مالك بن دعر رجل من العرب من أهل مدين ابن أخي شعيب النبي عليه السلام { فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ } فأرخى دلوه في جب يوسف فتعلق يوسف به فلم يقدر على نزعه من البئر فنظر فيه فرأى غلاماً قد تعلق بالدلو فنادى أصحابه { قَالَ يَٰبُشْرَىٰ } هذا بشراي يا أصحاب قالوا ما ذلك يا مالك قال { هَـٰذَا غُلاَمٌ } أحسن ما يكون من الغلمان فاجتمعوا عليه فأخرجوه من الجب { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً } وكتموه من القوم وقالوا لقومهم هذه بضاعة استبضعها أهل الماء لنبيعه لهم بمصر { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } بيوسف يعني إخوة يوسف ويقال أهل القافلة.