التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ
٢٥
ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ
٢٦
وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ
٢٧
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ
٢٨
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ
٢٩
كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ
٣٠
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ
٣١
-الرعد

تفسير القرآن

{ وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ } يتركون فرائض الله { مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } تغليظه وتشديده وتأكيده { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } من الأرحام والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } بالكفر والشرك والدعاء إلى غير عبادة الله { أُوْلَـٰئِكَ } أهل هذه الصفة { لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ } السخطة في الدنيا { وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } يعني النار في الآخرة { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ } قال ابن عباس وإن من عباده عباداً لا يصلح لهم إلا البسط ولو صرفوا إلى غيره لكان شراً لهم وإن من عباده عباداً لا يصلح لهم إلا التقتير ولو صرفوا إلى غيره لكان شراً لهم أي يوسع المال على من يشاء في الدنيا وهو مكرمته { وَيَقَدِرُ } يقتر على من يشاء وهو نظر منه { وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ما في الحياة من النعيم والسرور { وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } ما في الحياة من النعيم والسرور { فِي ٱلآخِرَةِ } عند نعيم الآخرة في البقاء { إِلاَّ مَتَاعٌ } إلا شيء قليل كمتاع البيت مثل السكرجة والقدح والقدر وغير ذلك { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بمحمد عليه الصلاة و السلام والقرآن { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ } هلا أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام { آيَةٌ } علامة { مِّن رَّبِّهِ } لنبوته كما كانت للرسل الأولين بزعمه { قُلْ } يا محمد { إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } عن دينه من كان أهلاً لذلك { وَيَهْدِيۤ } يرشد { إِلَيْهِ } إلى دينه { مَنْ أَنَابَ } من أقبل إلى الله { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ } وترضى وتسكن قلوبهم { بِذِكْرِ ٱللَّهِ } القرآن ويقال بالحلف بالله { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } أي تسكن وترضى القلوب { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { طُوبَىٰ لَهُمْ } غبطة لهم ويقال طوبى شجرة في الجنة ساقها من ذهب وورقها الحلل وثمرها من كل لون وأغصانها متواليات في الجنة وتحتها كثبان المسك والعنبر والزعفران { وَحُسْنُ مَآبٍ } المرجع في الجنة { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ } يقول هكذا أرسلناك إلى أمة { قَدْ خَلَتْ } مضت { مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ } لتقرأ عليهم { ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } أنزلنا إليك جبرائيل به يعني القرآن { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } يقولون ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب { قُلْ } الرحمن { هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } اتكلت ووثقت { وَإِلَيْهِ مَتَابِ } المرجع في الآخرة ثم نزل في شأن عبد الله بن أمية المخزومي وأصحابه لقولهم أذهب عنا جبال مكة بقرآنك وأنبع فيها العيون كما كان لداود عين الفطر بزعمك وائتنا بريح نركب عليها إلى الشام ونجيء عليها كما كانت لسليمان بزعمك وأحي موتانا كما أحيى عيسى ابن مريم بزعمك فقال الله { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً } غير قرآن محمد صلى الله عليه وسلم { سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ } أذهبت به الجبال عن وجه الأرض { أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ } أي قصد به البعد { أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ } أو أحيى به الموتى لكان بقرآن محمد صلى الله عليه وسلم { بَل لِلَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً } بل الله يفعل ذلك جميعاً إن شاء { أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } أفلم يعلم الذين آمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } لأكرم الناس كلهم بدينه { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالكتب والرسل يعني كفار مكة { تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ } في كفرهم { قَارِعَةٌ } سرية ويقال صاعقة { أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً } أو تنزل مع أصحابك قريباً { مِّن دَارِهِمْ } من مدينتهم مكة بعسفان { حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ } فتح مكة { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } ففتح مكة ويقال البعث بعد الموت.