التفاسير

< >
عرض

وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً
٣٢
كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً
٣٣
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً
٣٤
وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً
٣٥
وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً
٣٦
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً
٣٧
لَّٰكِنَّاْ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً
٣٨
وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً
٣٩
فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً
٤٠
أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً
٤١
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً
٤٢
-الكهف

تفسير القرآن

{ وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً } بيّن لأهل مكة صفة { رَّجُلَيْنِ } أخوين في بني إسرائيل أحدهما مؤمن وهو يهوذا والآخر كافر وهو أبو فطروس { جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا } للكافر { جَنَّتَيْنِ } بساتين { مِنْ أَعْنَابٍ } من كروم { وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } أحطناهما بنخل { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا } بين البساتين { زَرْعاً } مزرعاً { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ } البساتين { آتَتْ أُكُلَهَا } أخرجت ثمرها كل عام { وَلَمْ تَظْلِمِ } لم تنقص { مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا } وسطهما { نَهَراً وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } يعني ثمرة البستان إن قرأت بالنصب ويقال مال إن قرأت بالضم { فَقَالَ لَصَاحِبِهِ } المؤمن يهوذا { وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } يفاخر بالمال { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } أكثر خدماً { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ } بستانه { وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } بالكفر { قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ } أن تهلك { هَـٰذِهِ أَبَداً وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً } كائنة { وَلَئِن رُّدِدتُّ } رجعت { إِلَىٰ رَبِّي } كما تقول { لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا } من هذه الجنة { مُنْقَلَباً } مرجعاً { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ } المؤمن { وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } يراجعه عن كفره { أَكَفَرْتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ } من آدم وآدم من تراب { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } من نطفة أبيك { ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } معتدل القامة { لَّكِنَّا } لكن أنا أقول { هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي } خالقي ورازقي { وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً } من الأوثان { وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ } فهلا دخلت { جَنَّتَكَ } بستانك { قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } هذا من الله ليس مني { لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } هذا بقوة الله لا بقوتي { إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } وخدماً في الدنيا { فعسَىٰ رَبِّي } وعسى من الله واجب { أَن يُؤْتِيَنِ } أن يعطيني في الآخرة { خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ } من بستانك في الدنيا { وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا } على جنتك { حُسْبَاناً } ناراً { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } تصير تراباً أملس { أَوْ يُصْبِحَ } أو يصير { مَآؤُهَا غَوْراً } غائراً لا تناله الدلاء { فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً } حيلة { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } أهلكت ثمرته إن قرأت بالنصب ويقال أهلك ماله إن قرأت بالضم { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } يضرب يديه بعضها على بعض ندامة { عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا } في الجنة ويقال على ما كان فيهما من غلتهما { وَهِيَ خَاوِيَةٌ } ساقطة { عَلَىٰ عُرُوشِهَا } على سقوفها { وَيَقُولُ } يوم القيامة { يَٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } من الأوثان.