التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
١٢٣
وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ
١٢٤
وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ
١٢٥
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٢٦
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٢٧
رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
١٢٨
رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ
١٢٩
-البقرة

تفسير القرآن

{ وَٱتَّقُواْ يَوْماً } واخشوا عذاب يوم وهو يوم القيامة { لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } لا تنفع نفس كافرة عن نفس كافرة شيئاً ويقال نفس صالحة عن نفس صالحة شيئاً ويقال والد عن ولده ولا مولود عن والده شيئاً من عذاب الله.
{ وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ } فداء { وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ } ولا يشفع لها شافع ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } يمنعون مما يراد بهم ثم ذكر منته على إبراهيم خليله فقال { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ } أي أمره بعشر خصال خمس في الرأس وخمس في الجسد { فَأَتَمَّهُنَّ } فعمل بهن ويقال وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات بكل كلمة دعا ربه بها في القرآن فأتمهن وفى بهن ويقال فدعا بهن ثم { قَالَ } له { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً } خليفة يقتدى بك { قَالَ } إبراهيم { وَمِن ذُرِّيَّتِي } أي واجعل من ذريتي إماماً يقتدى به { قَالَ } الله { لاَ يَنَالُ عَهْدِي } أي لا ينال عهدي إليك ووعدي إليك وكرامتي إليك ورحمتي { ٱلظَّالِمِينَ } من ذريتك ويقال أي لا أجعل إماماً ظالماً من ذريتك ويقال لا ينال عهدي الظالمين في الآخرة وأما في الدنيا فينالهم ثم أمر الخلق أن يقتدوا به فقال { وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً } مرجعاً { لِّلنَّاسِ } يثوبون إليه ويشتاقون إليه { وَأَمْناً } لمن دخل فيه { وَٱتَّخِذُواْ } يا أمة محمد { مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } قبلة { وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } أمرنا إبراهيم { وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ } من الأصنام { وَٱلْعَاكِفِينَ } المقيمين { وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } لأهل الصلوات الخمس من جملة البلدان { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً } من أن يهاج فيه { وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ } من ألوان الثمرات { مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } بالبعث بعد الموت { قَالَ } الله { وَمَن كَفَرَ } أيضاً { فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً } فسأرزقه قليلاً في الدنيا { ثُمَّ أَضْطَرُّهُ } ألجؤه { إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } صار إليه { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ } بنى إبراهيم أساس البيت { وَإِسْمَاعِيلُ } يعينه فلما فرغا قالا { رَبَّنَا } يا ربنا { تَقَبَّلْ مِنَّآ } بناءنا بيتك { إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ } لدعائنا { ٱلْعَلِيمُ } بالإجابة ويقال بنياتنا لبنائنا بيتك { رَبَّنَا } يا ربنا { وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ } مطيعين مخلصين { لَكَ } بالتوحيد والعبادة { وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً } مطيعين مخلصين { لَّكَ } بالتوحيد والعبادة { وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } علمنا سنن حجنا { وَتُبْ عَلَيْنَآ } تجاوز عنا تقصيرنا { إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ } المتجاوز { ٱلرَّحِيمُ } بالمؤمنين { رَبَّنَا } يا ربنا { وَٱبْعَثْ فِيهِمْ } في ذرية إسماعيل { رَسُولاً مِّنْهُمْ } من نسبهم { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } القرآن { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ } القرآن { وَٱلْحِكْمَةَ } الحلال والحرام { وَيُزَكِّيهِمْ } يطهرهم بالتوحيد والزكاة من الذنوب { إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ } بالنقمة لمن لا يجيب رسولك الذي ترسله إليهم { ٱلحَكِيمُ } في إرسال الرسول فاستجاب الله دعاءه وبعث فيهم محمداً صلى الله عليه وسلم وهن تلك الكلمات التي ابتلاه الله بها "فأتمهن" فدعا بهن.