التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
٤٤
ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٤٥
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ
٤٦
فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ
٤٧
فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ
٤٨
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٤٩
وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ
٥٠
يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ
٥٢
فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٥٣
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ
٥٤
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ
٥٥
نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ
٥٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ
٥٧
وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ
٥٨
وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ
٥٩
وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
٦٠
-المؤمنون

تفسير القرآن

{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى } متتابعاً بعضها على أثر بعض { كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا } إلى أمة رسول { كَذَّبُوهُ } كذبوا ذلك الرسول { فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً } بالهلاك { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } في دهرهم يحدث عنهم { فَبُعْداً } فسحقاً من رحمة الله { لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا } التسع { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } حجة بينة { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } قومه { فَٱسْتَكْبَرُواْ } عن الإيمان بموسى والآيات { وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } مخالفين لموسى مستكبرين عن الإيمان { فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ } لآدميين يعنون موسى وهارون { مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } مطيعون { فَكَذَّبُوهُمَا } بالرسالة { فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } فصاروا من المغرقين في اليم { وَلَقَدْ آتَيْنَا } أعطينا { مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } يعني التوراة { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } لكي يهتدوا بها من الضلالة { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ } يعني عيسى { وَأُمَّهُ آيَةً } علامة وعبرة ولداً بلا أب وولادة بلا لمس { وَآوَيْنَاهُمَآ } رجعناهما { إِلَىٰ رَبْوَةٍ } إلى مكان مرتفع { ذَاتِ قَرَارٍ } مستو ذات نعيم { وَمَعِينٍ } ماء ظاهر جار وهو دمشق { يَٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ } يعني محمداً { كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } كلوا من الحلال { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } اعمل صالحاً فيما بينك وبين ربك { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ } أي بما تعمل يا محمد ويعملون من الخير { عَلِيمٌ } بثوابه { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } ملتكم ملة واحدة ودينكم ديناً واحداً مختاراً { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ } رب واحد أكرمتكم بذلك { فَٱتَّقُونِ } فأطيعوني { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } فتفرقوا فيما بينهم في دينهم { زُبُراً } فرقاً فرقاً اليهود والنصارى والمشركين والمجوس { كُلُّ حِزْبٍ } كل أهل دين وفرقة { بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } معجبون { فَذَرْهُمْ } اتركهم يا محمد { فِي غَمْرَتِهِمْ } في جهلهم { حَتَّىٰ حِينٍ } إلى حين العذاب يوم بدر { أَيَحْسَبُونَ } أيظن أهل الفرق { أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ } أنما نعطيهم في الدنيا { مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } مسارعة لهم منا في الخيرات في الدنيا ويقال في الآخرة { بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } أنا مكرمون لهم في الدنيا ومهينون لهم في الآخرة. ثم بيَّن لمن المسارعة في الخيرات في الدنيا فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ } من عذاب ربهم { مُّشْفِقُونَ } خائفون لهم منا مسارعة في الخيرات { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { يُؤْمِنُونَ } يصدقون لهم منا مسارعة في الخيرات { وَٱلَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ } الأوثان لهم منا مسارعة في الخيرات { وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ } يعطون ما أعطوا من الصدقة وينفقون ما أنفقوا من المال في سبيل الله ويقال يعملون ما عملوا من الخيرات { وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } خائفة { أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } في الآخرة فلا يقبل منهم.