{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} متتابعاً بعضها على أثر بعض {كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا} إلى أمة رسول {كَذَّبُوهُ} كذبوا ذلك الرسول {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً} بالهلاك {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} في دهرهم يحدث عنهم {فَبُعْداً} فسحقاً من رحمة الله {لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا} التسع {وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} حجة بينة {إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} قومه {فَٱسْتَكْبَرُواْ} عن الإيمان بموسى والآيات {وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ} مخالفين لموسى مستكبرين عن الإيمان {فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ} لآدميين يعنون موسى وهارون {مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} مطيعون {فَكَذَّبُوهُمَا} بالرسالة {فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ} فصاروا من المغرقين في اليم {وَلَقَدْ آتَيْنَا} أعطينا {مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ} يعني التوراة {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} لكي يهتدوا بها من الضلالة {وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ} يعني عيسى {وَأُمَّهُ آيَةً} علامة وعبرة ولداً بلا أب وولادة بلا لمس {وَآوَيْنَاهُمَآ} رجعناهما {إِلَىٰ رَبْوَةٍ} إلى مكان مرتفع {ذَاتِ قَرَارٍ} مستو ذات نعيم {وَمَعِينٍ} ماء ظاهر جار وهو دمشق {يَٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ} يعني محمداً {كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ} كلوا من الحلال {وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً} اعمل صالحاً فيما بينك وبين ربك {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ} أي بما تعمل يا محمد ويعملون من الخير {عَلِيمٌ} بثوابه {وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} ملتكم ملة واحدة ودينكم ديناً واحداً مختاراً {وَأَنَاْ رَبُّكُمْ} رب واحد أكرمتكم بذلك {فَٱتَّقُونِ} فأطيعوني {فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} فتفرقوا فيما بينهم في دينهم {زُبُراً} فرقاً فرقاً اليهود والنصارى والمشركين والمجوس {كُلُّ حِزْبٍ} كل أهل دين وفرقة {بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} معجبون {فَذَرْهُمْ} اتركهم يا محمد {فِي غَمْرَتِهِمْ} في جهلهم {حَتَّىٰ حِينٍ} إلى حين العذاب يوم بدر {أَيَحْسَبُونَ} أيظن أهل الفرق {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ} أنما نعطيهم في الدنيا {مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ} مسارعة لهم منا في الخيرات في الدنيا ويقال في الآخرة {بَل لاَّ يَشْعُرُونَ} أنا مكرمون لهم في الدنيا ومهينون لهم في الآخرة. ثم بيَّن لمن المسارعة في الخيرات في الدنيا فقال {إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ} من عذاب ربهم {مُّشْفِقُونَ} خائفون لهم منا مسارعة في الخيرات {وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ} بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن {يُؤْمِنُونَ} يصدقون لهم منا مسارعة في الخيرات {وَٱلَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ} الأوثان لهم منا مسارعة في الخيرات {وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ} يعطون ما أعطوا من الصدقة وينفقون ما أنفقوا من المال في سبيل الله ويقال يعملون ما عملوا من الخيرات {وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} خائفة {أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} في الآخرة فلا يقبل منهم.