التفاسير

< >
عرض

إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٥٣
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١٥٤
إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
١٥٥
-آل عمران

تفسير القرآن

{ إِذْ تُصْعِدُونَ } أي تبعدون في الأرض ويقال تصعدون الجبل بعد الهزيمة { وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } لا تلتفتون إلى محمد ولا تقفون له { وَٱلرَّسُولُ } محمد { يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَاكُمْ } من خلفكم يا معشر المؤمنين أنا رسول الله قفوا فلم تقفوا { فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ } زادكم الله غماً على غم غم إشراف خالد بن الوليد بغم القتل والهزيمة { لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } من الغنيمة { وَلاَ مَآ أَصَابَكُمْ } ولكي لا تحزنوا على ما أصابكم من القتل والجراحة { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } في الجهاد والهزيمة ثم ذكر منته عليهم فقالَ { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً } من العدو { نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً } أخذ طائفة { مِّنْكُمْ } النعاس فنام من كان منكم أهل الصدق واليقين { وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } قد أخذتهم همة أنفسهم معتب بن قشير المنافق وأصحابه لم يأخذهم النوم { يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ } أن لا ينصر الله رسوله وأصحابه { ظَنَّ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } كظنهم في الجاهلية { يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ } من النصرة والدولة { مِن شَيْءٍ قُلْ } يا محمد { إِنَّ ٱلأَمْرَ } الدولة والنصرة { كُلَّهُ للَّهِ } بيد الله { يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم } يسرون فيما بينهم { مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ } ما لا يظهرون لك مخافة القتل { يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ } من الدولة والنصرة { شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل } يا محمد للمنافقين { لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ } في المدينة { لَبَرَزَ } لخرج { ٱلَّذِينَ كُتِبَ } قضي { عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ } إلى مقتلهم ومصارعهم بأحد { وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ } ليختبر الله { مَا فِي صُدُورِكُمْ } بما في قلوب المنافقين { وَلِيُمَحِّصَ } ليبين { مَا فِي قُلُوبِكُمْ } من النفاق { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } بما في القلوب من الخير والشر يعني المنافقين ويقال الرماة ثم ذكر المنهزمين يوم أحد فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ } بالهزيمة عثمان بن عفان وأصحابه { يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } جمع محمد وجمع أبي سفيان { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ } زين لهم الشيطان أن محمداً قتل فانهزموا ستة فراسخ وكانوا ستة نفر { بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } بتركهم المركز { وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } إذ لم يستأصلهم { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لمن تاب منهم { حَلِيمٌ } إذ لم يعجل لهم العقوبة.