التفاسير

< >
عرض

وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ
١٠
قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ
١١
وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ
١٢
وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١٣
فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٤
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
١٥
تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
١٦
فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٧
أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ
١٨
أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٩
-السجدة

تفسير القرآن

{ وَقَالُوۤاْ } يعني أبا جهل وأصحابه { أَءِذَا ضَلَلْنَا } هلكنا { فِي ٱلأَرْضِ } بعد الموت { أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } تجدد بعد الموت هذا ما لا يكون { بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ } بالبعث بعد الموت { كَافِرُونَ } جاحدون { قُلْ } لهم يا محمد { يَتَوَفَّاكُم } يقبض أرواحكم { مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } بقبض أرواحكم { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } في الآخرة { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ } المشركون { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ } مطأطئوا رؤوسهم { عِندَ رَبِّهِمْ } يوم القيامة { رَبَّنَآ } يقولون يا ربنا { أَبْصَرْنَا } علمنا ما لم نعلم { وَسَمِعْنَا } أيقنا بما لم نكن به موقنين { فَٱرْجِعْنَا } حتى نؤمن بك { نَعْمَلْ صَالِحاً } خالصاً { إِنَّا مُوقِنُونَ } مقرون بك وبكتابك ورسولك وبالبعث بعد الموت { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا } لأعطينا { كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } تقواها { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ } وجب القول { مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } من كفار الجن والإنس { أَجْمَعِينَ } لولا ذلك لأكرمت كل نفس بالمعرفة والتوحيد { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ } تركتم الإقرار والعمل { لِقَآءَ يَوْمِكُمْ } بلقاء يومكم { هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ } تركناكم في النار { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ } الدائم { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الكفر { إِنَّمَا يُؤْمِنُ } يصدق { بِآيَاتِنَا } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ } دعوا { بِهَا } إلى الصلوات الخمس بالأذان والإقامة { خَرُّواْ سُجَّداً } أتوا تواضعاً { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } صلوا بأمر ربهم { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } لا يتعظمون عن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن والصلوات الخمس في الجماعة. نزلت هذه الآية في شأن المنافقين وكانوا لا يأتون الصلاة إلا كسالى متثاقلين { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ } تتقلب جنوبهم { عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } عن الفراش بعد النوم بالليل لصلاة التطوع { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } يعبدون ربهم بالصلوات الخمس ويقال ترفع جنوبهم من الفراش حتى يصلوا صلاة العشاء الأخيرة ويقال ترفع جنوبهم عن الفراش بعد النوم بالليل لصلاة التطوع { خَوْفاً } منه ومن عذابه { وَطَمَعاً } إليه وإلى رحمته { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أعطيناهم من المال { يُنفِقُونَ } يتصدقون به { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ } فليس تعلم أنفسهم { مَّآ أُخْفِيَ لَهُم } ما أعد لهم وما رفع لهم وما ذخر لهم { مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } من طيبة النفس والثواب والكرامة في الجنة { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الدنيا من الخيرات { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً } مصدقاً في إيمانه وهو علي بن أبي طالب { كَمَن كَانَ فَاسِقاً } منافقاً في إيمانه وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط { لاَّ يَسْتَوُونَ } في الدنيا بالطاعة وفي الآخرة بالثواب والكرامة عند الله وكان بينهما كلام وتنازع حتى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يا فاسق ثم بيَّن مستقرهما بعد الموت فقال { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الخيرات فميا بينهم وبين ربهم { فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً } منزلاً ثواباً لهم في الآخرة { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الدنيا من الخيرات.