التفاسير

< >
عرض

إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ
٣١
فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ
٣٢
رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ
٣٣
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ
٣٤
قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ
٣٥
فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ
٣٦
وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ
٣٧
وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ
٣٨
هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٣٩
وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ
٤٠
وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ
٤١
ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ
٤٢
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ
٤٣
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
٤٤

تفسير القرآن

{ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ } بعد الظهر { ٱلصَّافِنَاتُ } الخيل العراب الخوالص { ٱلْجِيَادُ } السراع ويقال الصافنات هو الفرس إذا قام بثلاث قوائم ورفع إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ } اخترت المال { عَن ذِكْرِ رَبِّي } على طاعة ربي { حَتَّىٰ تَوَارَتْ } الشمس { بِٱلْحِجَابِ } بجبل قاف { رُدُّوهَا عَلَيَّ } ما عرض علي فردوها { فَطَفِقَ } عمد { مَسْحاً بِٱلسُّوقِ } ضرب سوقهن { وَٱلأَعْنَاقِ } وأعناقهن ويقال فطفق مسحاً بالسوق والأعناق حتى توارت بالحجاب حتى غابت الشمس وذهبت منه صلاة العصر فمن أجل ذلك فعل ما فعل { وَلَقَدْ فَتَنَّا } ابتلينا { سُلَيْمَانَ } بذهاب ملكه أربعين يوماً بقدر ما عبد الصنم في بيته مكان كل يوم يوماً { وَأَلْقَيْنَا } أجلسنا { عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً } شيطاناً { ثُمَّ أَنَابَ } ثم رجع إلى ملكه وإلى طاعة ربه وتاب من ذنبه { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي } ذنبي { وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي } لا يصلح { لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ } ويقال لا يسلب فيما بقي كما سلب المرة الأولى { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } بالملك والنبوة لمن شئت { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ } بعد ذلك { تَجْرِي بِأَمْرِهِ } بأمر الله ويقال بأمر سليمان { رُخَآءً } لينة { حَيْثُ أَصَابَ } أراد { وَٱلشَّيَاطِينَ } وسخرنا له الشياطين { كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } في قعر البحر.
{ وَآخَرِينَ } من غيرهم { مُقَرَّنِينَ } مصفدين مسلسلين { فِي ٱلأَصْفَادِ } في أغلال الحديد وهم المردة من الشياطين الذين لا يبعثهم إلى عمل إلا انقلبوا { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا } ملكنا يا سليمان ملكناك على الشياطين { فَٱمْنُنْ } على من شئت من المتمردين وخل سبيلهم من الغل { أَوْ أَمْسِكْ } احبس في الغل { بِغَيْرِ حِسَابٍ } من غير أن تحاسب وتأثم بذلك { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } قربى في الدرجات { وَحُسْنَ مَآبٍ } مرجع في الآخرة { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ } اذكر لكفار مكة خبر عبدنا { أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } دعا ربه { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ } أصابني من تسليطك الشيطان علي { بِنُصْبٍ } تعب وعناء { وَعَذَابٍ } بلاء ومرض فقال له جبريل يا أيوب { ٱرْكُضْ } اضرب { بِرِجْلِكَ } على الأرض فضرب فخرج منها عين فقال له جبريل { هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ } اغتسل منه فاغتسل منه فالتأم ما به ثم قال له اضرب ضربة أخرى فضرب فخرج منها عين أخرى فقال له جبريل { بَارِدٌ وَشَرَابٌ } أي وهذا شراب بارد عذب اشرب منه فشرب فالتأم ما في جوفه { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ } الذين أهلكناهم { وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } في الآخرة ويقال في الدنيا { رَحْمَةً مِّنَّا } نعمة منا عليه { وَذِكْرَىٰ } عظة { لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } لذوي العقول من الناس { وَخُذْ بِيَدِكَ } يا أيوب { ضِغْثاً } قبضة من سنبل فيها مائة سنبلة { فَٱضْرِب بِّهِ } امرأتك رحمة بنت يوسف الصديق { وَلاَ تَحْنَثْ } لا تأثم في يمينك وكان قبل ذلك حلف بالله لئن شفاه الله ليجلدنها مائة جلدة في سبب كلام تكلمت به لم يرض الله به { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً } على البلاء { نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } مطيع لله مقبل إلى طاعة الله.