التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
١٧٠
يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
١٧١
لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً
١٧٢
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧٣
يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً
١٧٤
-النساء

تفسير القرآن

{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يا أهل مكة { قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ } محمد { بِٱلْحَقِّ } بالتوحيد والقرآن { مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ } بمحمد والقرآن { خَيْراً لَّكُمْ } مما أنتم عليه { وَإِن تَكْفُرُواْ } بمحمد والقرآن { فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } كلهم عبيده وإماؤه { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بمن يؤمن وبمن لا يؤمن { حَكِيماً } حكم عليهم أن لا يعبدوا غيره. ثم نزل في نصارى أهل نجران النسطورية وهم الذين قالوا عيسى ابن الله والمار يعقوبية وهم الذين قالوا عيسى هو الله والمرقوسية وهم الذين قالوا ثالث ثلاثة والملكانية وهم الذين قالوا عيسى والرب شريكان فأنزل الله فيهم { يَٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ } لا تشددوا { فِي دِينِكُمْ } فإنه ليس بحق { وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } الصدق { إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ } وصار بكلمة من الله مخلوقاً { وَرُوحٌ مِّنْهُ } وبأمر منه صار ولداً بلا أب { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } جملة الرسل عيسى وغيره { وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ } ولد ووالد وزوجة { ٱنتَهُواْ } عن مقالتكم وتوبوا { خَيْراً لَّكُمْ } من مقالتكم { إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } بلا ولد ولا شريك { سُبْحَانَهُ } نزه نفسه { أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ ما فِي ٱلسَّمَاوَات وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } عبيداً { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } رباً للخلق وشهيداً على ما قال من خبر عيسى { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ } لن يأنف المسيح { أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ } أن يقر بالعبودية لله. نزلت هذه الآية في قولهم إنه عار على صاحبنا ما تقول يا محمد فأنزل الله إنه ليس بعار أن يكون عيسى عبداً لله { وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } يقول ولا تأنف الملائكة المقربون حملة العرش أن يقروا بالعبودية لله { وَمَن يَسْتَنْكِفْ } يأنف { عَنْ عِبَادَتِهِ } عن الإقرار بعبوديته { وَيَسْتَكْبِرْ } عن الإيمان بالله { فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ } يوم القيامة { جَمِيعاً } الكافر والمؤمن { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد والقرآن { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { فَيُوَفِّيهِمْ } فيوفرهم { أُجُورَهُمْ } ثوابهم في الجنة { وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ } كرامته { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ } أنفوا { وَٱسْتَكْبَرُواْ } عن الإيمان بمحمد والقرآن { فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } وجيعاً { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } من عذاب الله { وَلِيّاً } قريباً ينفعهم { وَلاَ نَصِيراً } مانعاً يمنعهم من عذاب الله { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يا أهل مكة { قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ } رسول من ربكم محمد صلى الله عليه وسلم { وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ } إلى نبيكم { نُوراً مُّبِيناً } الحلال والحرام.