{وَلَمَن صَبَرَ} على مظلمته {وَغَفَرَ} تجاوز ولم يقتص ولم يكافئ به {إِنَّ ذَلِكَ} الصبر والتجاوز {لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ} من خير الأمور ويقال من حزم الأمور ونزل من قوله {والذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش} إلى قوله {لمن عزم الأمور} في شأن أبي بكر الصديق وصاحبه عمرو بن غزية الأنصاري في كلام وتنازع كان بينهما فشتم الأنصاري أبا بكر الصديق فأنزل الله فيهما هؤلاء الآيات {وَمَن يُضْلِلِ} عن دينه {ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ} من مرشد {مِّن بَعْدِهِ} غير الله {وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ} المشركين أبا جهل وأصحابه يوم القيامة {لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ} حين رأوا العذاب {يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ} هل إلى رجوع إلى الدنيا من حيلة {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} على النار {خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ} ذليلين من الحزن {يَنظُرُونَ} إليك {مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} مسارقة الأعين {وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ} بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن {إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ} المغبونين {ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ} الذين غبنوا {أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ} خدمهم في الجنة {يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ} المشركين أبا جهل وأصحابه {فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ} دائم {وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ} أقرباء {يَنصُرُونَهُم} يمنعونهم {مِّن دُونِ ٱللَّهِ} من عذاب الله {وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ} عن دينه مثل أبي جهل {فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ} من دين ولا حجة {ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ} بالتوحيد {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ} وهو يوم القيامة {لاَّ مَرَدَّ لَهُ} لا مانع له {مِنَ ٱللَّهِ} من عذاب الله {مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ} من نجاة {يَوْمَئِذٍ} من عذاب الله {وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ} من معين {فَإِنْ أَعْرَضُواْ} عن الإيمان {فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} تحفظهم {إِنْ عَلَيْكَ} ما عليك {إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ} التبليغ عن الله ثم أمره بالقتال بعد ذلك {وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ} أصبنا الكافر {مِنَّا رَحْمَةً} نعمة {فَرِحَ بِهَا} أعجب بها غير شاكر لها {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} شدة وفقر وبلية {بِمَا قَدَّمَتْ} عملت {أَيْدِيهِمْ} في الشرك {فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ} يعني أبا جهل {كَفُورٌ} كافر بالله وبنعمته {لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ} خزائن السموات والأرض المطر والنبات {يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ} كما يشاء {يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً} مثل لوط لم يكن له ولد ذكر {وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ} مثل إبراهيم لم يكن له أنثى {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ} يخلطهم {ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً} مثل محمد صلى الله عليه وسلم كان له الذكر والأنثى {وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً} بلا ولد مثل يحيى بن زكريا {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} فيما وهب من الذكور والإناث {وَمَا كَانَ} ما جاز {لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ} مواجهة بغير ستر {إِلاَّ وَحْياً} في المنام {أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} ستر كما كلم موسى عليه السلام {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} جبريل كما أرسل إلى محمد عليه الصلاة والسلام {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ} بأمره {مَا يَشَآءُ} الذي شاء من الأمر و النهي {إِنَّهُ عَلِيٌّ} أعلى من كل شيء {حَكِيمٌ} في أمره وقضائه {وَكَذَٰلِكَ} هكذا {أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} يعني جبريل بالقرآن {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ} ما القرآن قبل نزول جبريل عليك وما كنت تحسن قراءة القرآن قبل القرآن {وَلاَ ٱلإِيمَانُ} ولا الدعوة إلى التوحيد {وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ} قلناه يعني القرآن {نُوراً} بياناً للأمر والنهي والحلال والحرام والحق والباطل {نَّهْدِي بِهِ} بالقرآن {مَن نَّشَآءُ} من كان أهلاً لذلك {مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ} لتدعو {إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} دين مستقيم حق {صِرَاطِ ٱللَّهِ} دين الله {ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ} من الخلق {أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ} عواقب الأمور في الآخرة تصير إلى الحكيم الملك.