التفاسير

< >
عرض

ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ
١
وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ
٢
وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ
٣
وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ
٤
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ
٥
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ
٦
خُشَّعاً أَبْصَٰرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
٧
مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٦
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٨
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ
١٩
تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ
٢٠
-القمر

تفسير القرآن

وبإسناده عن ابن عباس في قوله تعالى { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } يقول دنا قيام الساعة بخروج محمد صلى الله عليه وسلم ونزول الدخان { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } نصفين وهو من علامات القيامة { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً } مثل انشقاق القمر { يُعْرِضُواْ } يكذبوا بالآية { وَيَقُولُواْ } الآية { سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } قوي شديد مصنوع سيذهب { وَكَذَّبُواْ } بالآية وقيام الساعة { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } بتكذيب الآية وقيام الساعة وبعبادة الأوثان { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } ولكل قول من الله أو من رسوله في الوعد والوعيد والبشرى بالجنة والنار أو بالرحمة أو بالعذاب فعل وحقيقة منه ما يكون في الدنيا فسيظهر ومنه ما يكون في الآخرة فيتبين ويقال ولكل فعل وقول من العباد حقيقة وحقيقتهم في القلب { وَلَقَدْ جَآءَهُم } أهل مكة في القرآن { مِّنَ ٱلأَنبَآءِ } من أخبار الأمم الماضية كيف هلكوا عند التكذيب { مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } نهي وازدجار { حِكْمَةٌ } القرآن { بَالِغَةٌ } حكمة من الله أبلغهم عن الله { فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } يعني الرسل عن قوم لا يؤمنون بالله في علم الله { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أعرض عنهم يا محمد ثم أمرهم بالقتال { يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ } وهو يوم القيامة { إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } منكر عظيم شديد أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار { خُشَّعاً } ذليلة { أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } من القبور في النفخة الأخرى { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } يقول يجول بعضهم في بعض مثل الجراد { مُّهْطِعِينَ } مسرعين مقصدين ناظرين { إِلَى ٱلدَّاعِ } ماذا يأمرهم { يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ } يوم القيامة { هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } شديد، شدد ذلك اليوم عليهم.
{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } قبل قومك يا محمد { قَوْمُ نُوحٍ } نوحاً { فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } نوحاً { وَقَالُواْ مَجْنُونٌ } يختلق { وَٱزْدُجِرَ } زجروه عن مقالته وصاحوا به وقالوا أنت مستطير الفؤاد ذاهب العقل { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ } مقهور { فَٱنتَصِرْ } فأعني بالعذاب { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ } طرق السماء أربعين يوماً { بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } مطر منصب من السماء على الأرض { وَفَجَّرْنَا } شققنا { ٱلأَرْضَ عُيُوناً } بالماء أربعين يوماً { فَالْتَقَى ٱلمَآءُ } ماء السماء وماء الأرض { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } على مقدار قدرنا ماء السماء وماء الأرض ويقال على قضاء قد قضى بهلاك قوم نوح { وَحَمَلْنَاهُ } يعني نوحاً ومن آمن به { عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ } عوارض { وَدُسُرٍ } مسامير وشرط وكل شيء يشد به السفينة فهو دسر { تَجْرِي } تسير السفينة { بِأَعْيُنِنَا } بمنظر منا { جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ } يقول جزاء قوم نوح بما كفروا به { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً } علامة للناس يعني سفينة نوح بعد نوح ويقال مثل سفينة نوح { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } فهل من متعظ يتعظ بما صنع بقوم نوح فيترك المعصية { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } فانظر يا محمد كيف كان عذابي عليهم وكيف كان حال منذري لمن أنذرهم نوح فلم يؤمنوا { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ } هونا القرآن { لِلذِّكْرِ } للحفظ والقراءة والكتابة ويقال هونا قراءة القرآن { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } فهل من طالب علم فيعان عليه { كَذَّبَتْ عَادٌ } قوم هود هوداً { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } انظر يا محمد كيف كان عذابي عليهم ونذر كيف كان حال منذري لمن أنذرهم الرسول هود فلم يؤمنوا { إِنَّآ أَرْسَلْنَا } سلطنا { عَلَيْهِمْ } على قوم هود { رِيحاً صَرْصَراً } بارداً شديداً وهو ريح الدبور { فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } مشؤوم عليهم مستمر ذاهب على الصغير والكبير { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ } تقلع قوم هود من أماكنهم { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ } كأنهم أوراك نخل ويقال أسافل نخل { مُّنقَعِرٍ } منقلع من أصولها.