{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ} يا أهل مكة {ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ} الخلق الأول في بطون الأمهات ويقال خلق آدم {فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ} فهلا تتعظون بالخلق الأول فتؤمنوا بالخلق الآخر {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ} تبذرون من الحبوب {ءَأَنتُمْ} يا أهل مكة {تَزْرَعُونَهُ} تنبتونه {أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ} المنبتون {لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ} يعني الزرع {حُطَاماً} يابساً بعد خضرته {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} فصرتم تعجبون من يبوسته وهلاكه وتقولون {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} معذبون بهلاك زروعنا {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} حرمنا منفعة زروعنا ويقال محاربون {أَفَرَأَيْتُمُ ٱلْمَآءَ} العذب {ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ} وتسقون دوابكم وجناتكم {ءَأَنتُمْ} يا أهل مكة {أَنزَلْتُمُوهُ} الماء العذب {مِنَ ٱلْمُزْنِ} من السحاب عليكم {أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ} بل نحن المنزلون عليكم لا أنتم {لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ} يعني الماء العذب {أُجَاجاً} مراماً لحاً زعاقاً {فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ} فلا تشكرون عذوبته فتؤمنوا به {أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ} تقدحون عن كل عود غير العناب وهو الشجر الأحمر {ءَأَنتُمْ} يا أهل مكة {أَنشَأْتُمْ} خلقتم {شَجَرَتَهَآ} شجرة النار {أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ} الخالقون {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا} هذه النار {تَذْكِرَةً} عظة النار الآخرة {وَمَتَاعاً} منفعة {لِّلْمُقْوِينَ} المسافرين في الأرض القواء وهي القفر الذين فني زادهم {فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ} فصل باسم ربك العظيم ويقال اذكر توحيد ربك العظيم {فَلاَ أُقْسِمُ} يقول أقسم {بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ} بنزول القرآن على محمد عليه الصلاة والسلام نجوماً نجوماً ولم ينزله جملة واحدة {وَإِنَّهُ} يعني القرآن {لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} لو تصدقون ويقال فلا أقسم يقول أقسم بمواقع النجوم بمساقط النجوم عند الغداة وإنه والذي ذكرت لقسم عظيم لو تعلمون لو تصدقون {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} شريف حسن {فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} في اللوح المحفوظ مكتوب ولهذا كان القسم {لاَّ يَمَسُّهُ} يعني اللوح المحفوظ {إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ} من الأحداث والذنوب فهم الملائكة ويقال لا يعمل بالقرآن إلا الموفقون {تَنزِيلٌ} تكليم {مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ} على محمد عليه الصلاة والسلام {أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ} أي القرآن الذي يقرأ عليكم محمد صلى الله عليه وسلم {أَنتُمْ} يا أهل مكة {مُّدْهِنُونَ} مكذبون أنه ليس كما قال من الجنة والنار والبعث والحساب {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} تقولون للمطر الذي سقيتم {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} تقولون سقينا بالنوء الفلاني {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ} الروح {ٱلْحُلْقُومَ} يعني نفس الجسد إلى الحلقوم {وَأَنتُمْ} يا أهل مكة {حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} متى تخرج نفسه {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} ملك الموت وأعوانه إلى الميت {مِنكُمْ} من أهله {وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ} ملك الموت وأعوانه {فَلَوْلاَ} فهلا {إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} غير ملومين وغير مجازين ومحاسبين {تَرْجِعُونَهَآ} روح الجسد إلى الجسد {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أنكم غير مدينين {فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ} إلى جنة عدن {فَرَوْحٌ} فراحة لهم في القبر ويقال رحمة إن قرأت بضم الراء {وَرَيْحَانٌ} إذا خرجوا من القبور ويقال رزق {وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} يوم القيامة لا يفنى نعيمها {وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ} من أهل الجنة فكلهم أصحاب اليمن {فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ} فسلام لك وأمن لك من أهل الجنة قد سلم الله أمرهم ونجاهم ويقال يسلم عليك أهل الجنة {وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ} بالله والرسول والكتاب {ٱلضَّآلِّينَ} عن الإيمان {فَنُزُلٌ} فطعامهم من زقوم وشرابهم {مِّنْ حَمِيمٍ} ماء حار {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} دخولهم في النار {إِنَّ هَـٰذَا} الذي وصفنا لهم { لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ} حقاً يقيناً كائناً {فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ} فصل بأمر ربك العظيم ويقال اذكر توحيد ربك العظيم أعظم من كل شيء.