التفاسير

< >
عرض

وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١٠
مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
١١
يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
١٤
فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٥
-الحديد

تفسير القرآن

{ وَمَا لَكُمْ } يا معشر المؤمنين { أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } في طاعة الله { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ميراث أهل السموات وأهل الأرض يموت أهلها ويبقى هو ويرجع الأمر كله إليه { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم } يا معشر المؤمنين عند الله في الفضل والطاعة و الثواب { مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ } فتح مكة { وَقَاتَلَ } العدو مع النبي صلى الله عليه وسلم { أُوْلَـٰئِكَ } أهل هذه الصفة { أَعْظَمُ دَرَجَةً } فضيلة ومنزلة عند الله بالطاعة والثواب وهو أبو بكر الصديق { مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ } من بعد فتح مكة { وَقَاتَلُواْ } العدو في سبيل الله مع النبي صلى الله عليه وسلم { وَكُلاًّ } كلا الفريقين من أنفق وقاتل من قبل الفتح وبعد الفتح { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } الجنة بالإيمان { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } بما تنفقون { خَبِيرٌ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ } في الصدقة { قَرْضاً حَسَناً } محتسباً صادقاً من قلبه { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } يقبله ويضاعف له في الحسنات ما بين سبع إلى سبعين إلى سبعمائة إلى ألفي ألف إلى ما شاء من الأضعاف { وَلَهُ } عنده { أَجْرٌ كَرِيمٌ } ثواب حسن في الجنة نزلت هذه الآية في أبي الدحداح { يَوْمَ } وهو يوم القيامة { تَرَى } يا محمد { ٱلْمُؤْمِنِينَ } المصدقين { وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } المصدقات بالإيمان { يَسْعَىٰ نُورُهُم } يضيء نورهم { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } على الصراط { وَبِأَيْمَانِهِم } وشمائلهم { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ } تقول لهم الملائكة على الصراط لكم اليوم { جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا } من تحت شجرها ومساكنها { ٱلأَنْهَارُ } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { خَالِدِينَ فِيهَا } مقيمين في الجنة لا يموتون فيها ولا يخرجون منها { ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } النجاة الوافرة فازوا بالجنة وما فيها ونجوا من النار وما فيها { يَوْمَ } وهو يوم القيامة بعد ما طفئ نور المنافقين على الصراط { يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ } من الرجال { وَٱلْمُنَافِقَاتُ } من النساء { لِلَّذِينَ آمَنُواْ } للمؤمنين المخلصين على الصراط { ٱنظُرُونَا } ارقبونا وانتظرونا يا معشر المؤمنين { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } نستضيء بنوركم ونجوز به على الصراط معكم { قِيلَ } يقول لهم المؤمنون ويقال يقول لهم الملائكة ويقال يقول الله لهم { ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ } خلفكم إلى الدنيا ويقال إلى الموقف حيث أعطينا النور { فَٱلْتَمِسُواْ } فاطلبوا { نُوراً } وهذا استهزاء من الله على المنافقين ويقال من المؤمنين على المنافقين فيرجعون في طلب النور { فَضُرِبَ بَيْنَهُم } يقول بني بينهم وبين المؤمنين { بِسُورٍ } بحائط { لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } الجنة { وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } من نحوه النار { يُنَادُونَهُمْ } من وراء السور { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } على دينكم يا معشر المؤمنين { قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } أهلكتم أنفسكم بكفر السر والنفاق { وَتَرَبَّصْتُمْ } تركتم التوبة من الكفر والنفاق ويقال انتظرتم موت محمد صلى الله عليه وسلم وإظهار الكفر { وَٱرْتَبْتُمْ } شككتم بالله وبالكتاب والرسول { وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ } الأباطيل والتمني { حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ } وعد الله بالموت على غير التوبة من الكفر والنفاق { وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ } عن طاعة الله { ٱلْغَرُورُ } يعني الشيطان ويقال أباطيل الدنيا إن قرأت بضم الغين { فَٱلْيَوْمَ } وهو يوم القيامة { لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ } لا يقبل منكم يا معشر المنافقين { فِدْيَةٌ } فداء { وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ولم يؤمنوا { مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } مصيركم النار { هِيَ مَوْلاَكُمْ } أولى بكم النار { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } صاروا إليه النار قرناؤهم الشياطين وجيرانهم الكفار وطعامهم الزقوم وشرابهم الحميم ولباسهم مقطعات النيران وزوارهم الحيات والعقارب. ثم ذكر قلوبهم إذا كانوا في الدنيا فقال: { أَلَمْ يَأْنِ }