التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٩
وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٠
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١١
لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ
١٢
لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
١٣
لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
١٤
-الحشر

تفسير القرآن

{ وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ } وطنوا دار الهجرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه { وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ } وكانوا مؤمنين من قبل مجيء المهاجرين إليهم { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } إلى المدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ } في قلوبهم { حَاجَةً } حسداً ويقال حزازة { مِّمَّآ أُوتُواْ } مما أعطوا من الغنائم دونهم { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } بأموالهم ومنازلهم { وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } فقر وحاجة { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } من دفع عنه بخل نفسه { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الناجون من السخط والعذاب { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ } من بعد المهاجرين الأولين.
{ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا } ذنوبنا { وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ } والهجرة { وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ } بعضاً وحسداً { لِّلَّذِينَ آمَنُواْ } من المهاجرين { رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } خافوا على أنفسهم أن يقع في قلوبهم الحسد لقبل ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين الأولين دونهم فدعوا بهذه الدعوات { أَلَمْ تَرَ } ألم تنظر يا محمد { إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } في دينهم وهم قوم من الأوس تكلموا بالإيمان علانية وأسروا النفاق { يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ } في السر { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } يعني بني قريظة قالوا لهم بعد ما حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم اثبتوا في حصونكم على دينكم { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } من المدينة كما أخرج بنو النضير { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً } لا نعين عليكم أحداً من أهل المدينة { وَإِن قُوتِلْتُمْ } وإن قاتلكم محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه { لَنَنصُرَنَّكُمْ } عليهم { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ } يعلم { إِنَّهُمْ } يعني المنافقين { لَكَاذِبُونَ } في مقالتهم { لَئِنْ أُخْرِجُواْ } من المدينة يعني بني قريظة { لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ } المنافقون { وَلَئِن قُوتِلُواْ } قاتلهم محمد عليه الصلاة والسلام { لاَ يَنصُرُونَهُمْ } على محمد عليه الصلاة والسلام { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ } على محمد عليه الصلاة والسلام { لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ } منهزمين { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } لا يمنعون مما نزل بهم ثم قال للمؤمنين { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ } يقول خوف المنافقين واليهود من سيف محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه أشد من خوفهم من الله { ذَٰلِكَ } الخوف { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } أمر الله وتوحيد الله { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ } يعني بني قريظة و النضير { جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } في مدائن وقصور حصينة { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } أو بينكم وبينهم حائط { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } يقول قتالهم فيما بينهم شديد إذا قاتلوا قومهم لا مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { تَحْسَبُهُمْ } يا محمد يعني المنافقين واليهود من بني قريظة والنضير { جَمِيعاً } على أمر واحد { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } مختلفة { ذَٰلِكَ } الخلاف والخيانة { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } أمر الله وتوحيده.