{ وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ } وطنوا دار الهجرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه { وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ } وكانوا مؤمنين من قبل مجيء المهاجرين إليهم { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } إلى المدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ } في قلوبهم { حَاجَةً } حسداً ويقال حزازة { مِّمَّآ أُوتُواْ } مما أعطوا من الغنائم دونهم { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } بأموالهم ومنازلهم { وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } فقر وحاجة { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } من دفع عنه بخل نفسه { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الناجون من السخط والعذاب { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ } من بعد المهاجرين الأولين.
{ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا } ذنوبنا { وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ } والهجرة { وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ } بعضاً وحسداً { لِّلَّذِينَ آمَنُواْ } من المهاجرين { رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } خافوا على أنفسهم أن يقع في قلوبهم الحسد لقبل ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين الأولين دونهم فدعوا بهذه الدعوات { أَلَمْ تَرَ } ألم تنظر يا محمد { إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } في دينهم وهم قوم من الأوس تكلموا بالإيمان علانية وأسروا النفاق { يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ } في السر { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } يعني بني قريظة قالوا لهم بعد ما حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم اثبتوا في حصونكم على دينكم { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } من المدينة كما أخرج بنو النضير { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً } لا نعين عليكم أحداً من أهل المدينة { وَإِن قُوتِلْتُمْ } وإن قاتلكم محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه { لَنَنصُرَنَّكُمْ } عليهم { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ } يعلم { إِنَّهُمْ } يعني المنافقين { لَكَاذِبُونَ } في مقالتهم { لَئِنْ أُخْرِجُواْ } من المدينة يعني بني قريظة { لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ } المنافقون { وَلَئِن قُوتِلُواْ } قاتلهم محمد عليه الصلاة والسلام { لاَ يَنصُرُونَهُمْ } على محمد عليه الصلاة والسلام { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ } على محمد عليه الصلاة والسلام { لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ } منهزمين { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } لا يمنعون مما نزل بهم ثم قال للمؤمنين { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ } يقول خوف المنافقين واليهود من سيف محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه أشد من خوفهم من الله { ذَٰلِكَ } الخوف { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } أمر الله وتوحيد الله { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ } يعني بني قريظة و النضير { جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } في مدائن وقصور حصينة { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } أو بينكم وبينهم حائط { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } يقول قتالهم فيما بينهم شديد إذا قاتلوا قومهم لا مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { تَحْسَبُهُمْ } يا محمد يعني المنافقين واليهود من بني قريظة والنضير { جَمِيعاً } على أمر واحد { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } مختلفة { ذَٰلِكَ } الخلاف والخيانة { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } أمر الله وتوحيده.