التفاسير

< >
عرض

إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ
٢
لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ
٤
رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٥
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٦
عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَٱللَّهُ قَدِيرٌ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٧
-الممتحنة

تفسير القرآن

{ إِن يَثْقَفُوكُمْ } إن يغلب عليكم أهل مكة { يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً } يتبين لكم أنهم أعداء لكم في القتل { وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ } يمدوا إليكم { أَيْدِيَهُمْ } بالضرب { وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ } بالشتم والطعن { وَوَدُّواْ } تمنوا كفار مكة { لَوْ تَكْفُرُونَ } أن تكفروا بالله بعد إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وهجرتكم إلى رسول الله { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ } بمكة إن كفرتم بالله { وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } من عذاب الله { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } يفرق بينكم وبين المؤمنين يوم القيامة ويقال يقضي بينكم على هذا { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الخير والشر { بَصِيرٌ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ } قد كانت لك يا حاطب { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } اقتداء صالح { فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } في قول إبراهيم { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } وفي قول الذين معه من المؤمنين { إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ } لقرابتهم الكفار { إِنَّا بُرَءَآؤُاْ مِّنْكُمْ } من قرابتكم ودينكم { وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأوثان { كَفَرْنَا بِكُمْ } تبرأنا منكم ومن دينكم { وَبَدَا } ظهر { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ } بالقتل والضرب { وَٱلْبَغْضَآءُ } في القلب { أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } حتى تقروا بوحدانية الله { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ } غير قول إبراهيم { لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } لأنه كان عن موعدة وعدها إياه فلما مات على الكفر تبرأ منه فقال له { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ } من عذاب الله { مِن شَيْءٍ } ثم علمهم كيف يقولون فقال قولوا { رَّبَّنَا } يا ربنا { عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا } وثقنا { وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا } أقبلنا إلى طاعتك { وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } المرجع في الآخرة { رَبَّنَا } قولوا يا ربنا { لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً } بلية { لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } كفار مكة يقولون لا تسلطهم علينا فيظنوا أنهم على الحق ونحن على الباطل فتزيدهم بذلك جراءة علينا { وَٱغْفِرْ لَنَا } ذنوبنا { رَبَّنَآ } يا ربنا { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ } بالنقمة لمن لا يؤمن بك { ٱلْحَكِيمُ } بالنصرة لمن آمن بك { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ } لقد كان لك يا حاطب { فِيهِمْ } في قول إبراهيم وفي قول الذين معه من المؤمنين { أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } اقتداء صالح { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ } يخاف الله { وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } بالبعث بعد الموت فهلا قلت يا حاطب مثلما قال إبراهيم ومن آمن به { وَمَن يَتَوَلَّ } يعرض عما أمره الله { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } عنه وعن خلقه { ٱلْحَمِيدُ } لمن وحده ويقال الحميد يشكر اليسير من أعمالهم ويجزي الجزيل من ثوابه { عَسَى ٱللَّهُ } عسى من الله واجب { أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم } خالفتم في الدين { مِّنْهُم } من أهل مكة { مَّوَدَّةً } صلة وتزويجاً فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة أم حبيبة بنت أبي سفيان فهذا كان صلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَٱللَّهُ قَدِيرٌ } بظهور نبيه على كفار قريش { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } متجاوز لمن تاب منهم من الكفر وآمن بالله { رَّحِيمٌ } لمن مات منهم على الإيمان والتوبة.