التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٢
كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٣
إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ
٤
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
٥
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
٦
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٧
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ
٨
-الصف

تفسير القرآن

وبإسناده عن ابن عباس في قوله تعالى { سَبَّحَ لِلَّهِ } يقول صلى لله ويقال ذكر الله { مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } من الخلق { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من الخلق وكل شيء حي { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } بالنقمة لمن لا يؤمن به { ٱلْحَكِيمُ } في أمره وقضائه أمر أن لا يعبد غيره { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } لم تتكلمون بما لا تعملون به وذلك أنهم قالوا لو نعلم يا رسول الله أي عمل أحب إلى الله لفعلناه فدلهم الله على ذلك وقال { { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم } في الآخرة { من عذاب أليم } وجيع يخلص وجعه إلى قلوبكم فمكثوا بعد ذلك ما شاء الله ولم يبين لهم ما هي فقالوا ليتنا نعلم ما هي لنبذل فيها أموالنا وأنفسنا وأهلينا فبين الله تعالى لهم فقال { { تؤمنون بالله ورسوله } تستقيمون على إيمانكم بالله ورسوله { { وتجاهدون في سبيل الله } في طاعة الله { { بأموالكم وأنفسكم } الآية فابتلوا لذلك يوم أحد ففروا من النبي صلى الله عليه وسلم فلامهم على ذلك فقال { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } لم تعدون ما لا توفون وتتكلمون بما لا تعملون { كَبُرَ مَقْتاً } عظم بغضاً { عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } أن تعدوا بما لا توفون وتتكلموا بما لا تعملون، ثم حرضهم على الجهاد في سبيله فقال { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ } في طاعته { صَفّاً } في القتال { كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } ملتزق قد رص بعضه إلى بعض { وَ } اذكر يا محمد { إِذْ قَالَ } قد قال { مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } المنافقين { يَٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي } بما تقولون علي وكانوا يقولون إنه آدر وقد بين قصته في سورة الأحزاب { وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ } مالوا عن الحق والهدى { أَزَاغَ ٱللَّهُ } أمال الله { قُلُوبَهُمْ } عن الحق والهدى ويقال فلما زاغوا كذبوا موسى أزاغ الله صرف الله قلوبهم عن التوحيد ويقال فلما زاغوا مالوا عن الحق والهدى أزاغ الله قلوبهم زاد الله زيغ قلوبهم { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي } لا يرشد إلى دينه { ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } الكافرين من كان في علم الله أنه لا يؤمن { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً } موافقاً بالتوحيد وبعض الشرائع { لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ } لما قبلي من التوراة { وَمُبَشِّراً } وجئتكم مبشراً أبشركم { بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ } يسمى أحمد الذي لا يذم ومحمد الذي يحمد { فَلَمَّا جَاءَهُم } عيسى ويقال محمد صلى الله عليه وسلم { بِٱلْبَيِّنَاتِ } بالأمر والنهي والعجائب التي أراهم { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } بين السحر والكذب { وَمَنْ أَظْلَمُ } في كفره { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ } اختلق { عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } فجعل له ولداً وصاحبة { وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ } إلى التوحيد وهم اليهود دعاهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى التوحيد { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } لا يرشد إلى دينه اليهود من كان في علم الله أنه يموت يهودياً { يُرِيدُونَ } يعني اليهود والنصارى { لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ } ليبطلوا دين الله ويقال كتاب الله القرآن { بِأَفْوَاهِهِمْ } بألسنتهم وكذبهم { وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ } مظهر نور كتابه ودينه { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } وإن كره اليهود والنصارى ومشركو العرب أن يكون ذلك.