التفاسير

< >
عرض

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ
١٧
وَلاَ يَسْتَثْنُونَ
١٨
فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ
١٩
فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ
٢٠
فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ
٢١
أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ
٢٢
فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ
٢٣
أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ
٢٤
وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ
٢٥
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ
٢٦
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
٢٧
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ
٢٨
قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٢٩
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ
٣٠
قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ
٣١
عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ
٣٢
كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٣٣
إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٣٤
أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ
٣٥
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
٣٦
أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ
٣٧
إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ
٣٨
-القلم

تفسير القرآن

{ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ } اختبرنا أهل مكة بالقتل والسبي والهزيمة يوم بدر بتركهم الاستغفار وبالجوع والقحط سبع سنين لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم عليهم بعد يوم بدر { كَمَا بَلَوْنَآ } اختبرنا بالجوع وحرق البساتين { أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ } أهل البساتين بني ضروان { إِذْ أَقْسَمُواْ } حلفوا بالله { لَيَصْرِمُنَّهَا } ليجدنها { مُصْبِحِينَ } عند طلوع الفجر { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } لم يقولوا إن شاء الله { فَطَافَ عَلَيْهَا } على الجنة { طَآئِفٌ } عذاب { مِّن رَّبِّكَ } بالليل { وَهُمْ نَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ } فصارت الجنة محترقة { كَٱلصَّرِيمِ } كالليل المظلم { فَتَنَادَوْاْ } فنادى بعضهم بعضاً { مُصْبِحِينَ } عند طلوع الفجر { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ } يعني البساتين { إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } جاذين قبل علم المساكين { فَٱنطَلَقُواْ } إلى البساتين { وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } يتسارون فيما بينهم كلاماً خفياً { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا } يعني الجنة { ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ } على حقد ويقال إلى بستانهم { قَادِرِينَ } على غلتها { فَلَمَّا رَأَوْهَا } يعني البساتين محترقة { قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } الطريق ظنوا أنهم ضلوا الطريق ثم قالوا { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } حرمنا منفعة البستان لسوء نياتنا { قَالَ أَوْسَطُهُمْ } في السن ويقال أعدلهم في القول ويقال أفضلهم في العقل والرأي { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } هلا تستثنون وقد قال لهم ذلك عندما أقسموا { قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ } نستغفر ربنا { إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } ضارين لأنفسنا بمعصيتنا وتركنا الاستثناء ومنعنا المساكين { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } يلوم بعضهم بعضاً يقول واحد منهم أنت فعلت هذا يا فلان بنا ويقول الآخر أنت فعلت هذا بنا { قَالُواْ } بالجملة { يَٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } عاصين بمنعنا المساكين { عَسَىٰ رَبُّنَآ } وعسى من الله واجب { أَن يُبْدِلَنَا } أن يعوضنا ربنا في الآخرة { خَيْراً مِّنْهَآ } من هذه الجنة { إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ } رغبتنا إلى الله { كَذَٰلِكَ ٱلْعَذَابُ } في الدنيا لمن منع حق الله من ماله كما كان لهم حرق البستان والجوع بعد ذلك ويقال كذلك العذاب هكذا عذاب الدنيا كما كان لأهل مكة بالقتل والجوع { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ } لمن لا يتوب { أَكْبَرُ } من عذاب الله في الدنيا { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أهل مكة ولكن لا يعلمون ذلك ولا يصدقون به { إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ } الكفر والشرك والفواحش { عِنْدَ رَبِّهِمْ } في الآخرة { جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } نعيمها دائم لا يفنى ويقال قال عتبة بن ربيعة لئن كان ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه من الجنة والنعيم حقاً لنحن أفضل منهم في الآخرة كما نحن أفضل منهم في الدنيا فنزل { أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } ثواب المسلمين في الجنة { كَٱلْمُجْرِمِينَ } كثواب المشركين وهم أهل النار ويقال أفنجعل ثواب المشركين في الآخرة كثواب المسلمين { مَا لَكُمْ } يا أهل مكة { كَيْفَ تَحْكُمُونَ } بئس ما تقضون لأنفسكم { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ } تقرؤون { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ } في الكتاب { لَمَا تَخَيَّرُونَ } تشتهون في الآخرة من الجنة.