التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ
١٩
إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ
٢٠
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
٢١
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
٢٢
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
٢٣
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ
٢٤
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ
٢٥
وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ
٢٦
يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ
٢٧
مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ
٢٨
هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
٢٩
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
٣٠
ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ
٣١
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ
٣٢
إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ
٣٣
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣٤
فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
٣٥
وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ
٣٧
فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
٣٨
وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ
٣٩
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
٤٠
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ
٤١
وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٤٢
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٣
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ
٤٤
لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ
٤٥
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ
٤٦
فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ
٤٧
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
٤٨
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ
٤٩
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ
٥١
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٥٢
-الحاقة

تفسير القرآن

{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ } أعطي { كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } وهو أبو سلمة بن عبد الأسد زوج أم سلمة وكان مسلماً { فَيَقُولُ } لأصحابه { هَآؤُمُ } تعالوا { ٱقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ } انظروا ما في كتابي من الثواب والكرامة { إِنِّي ظَنَنتُ } علمت وأيقنت { أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } معاين حسابي { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } في عيش قد رضيه لنفسه أي مرضية { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } مرتفعة { قُطُوفُهَا } ثمرها واجتناؤها { دَانِيَةٌ } قريبة يناله القاعد والقائم { كُلُواْ } يقول الله لهم كلوا من الثمار { وَٱشْرَبُواْ } من الأنهار { هَنِيئَاً } بلا داء ولا موت { بِمَآ أَسْلَفْتُمْ } بما قدمتم من العمل الصالح ويقال من الصوم والصلاة { فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } الماضية يعني أيام الدنيا { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ } أعطي { كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ } وهو الأسود بن عبد الأسد أخو أبي سلمة وكان كافراً { فَيَقُولُ يَٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } لم أعط كتابي هذا { وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } لم أعلم حسابي { يَٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } يتمنى الموت يقول يا ليتني بقيت على موتي الأول { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي } من عذاب الله { مَالِيَهْ } مالي الذي جعلت في الدنيا { هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } بطل عني حجتي وعذري فيقول الله للملائكة { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } أدخلوه { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا } طولها وباعها { سَبْعُونَ ذِرَاعاً } بذراع الملك ويقال باعاً { فَاسْلُكُوهُ } فأدخلوه في دبره وأخرجوه من فمه، والووا ما فضل على عنقه { إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ } إذ كان في الدنيا { وَلاَ يَحُضُّ } لا يحث { عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } على صدقة المسكين { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } قريب ينفعه { وَلاَ طَعَامٌ } في النار { إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } من عصارة أهل النار وهي ما يسيل من بطونهم وجلودهم من القيح والدم والصديد { لاَّ يَأْكُلُهُ } يعني الغسلين { إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } المشركون { فَلاَ أُقْسِمُ } يقول أقسم { بِمَا تُبْصِرُونَ } من شيء { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } من شيء يا أهل مكة ويقال بما تبصرون يعني السماء والأرض وما لا تبصرون يعني الجنة والنار ويقال بما تبصرون يعني الشمس والقمر وما لا تبصرون العرش والكرسي ويقال بما تبصرون يعني محمداً عليه الصلاة والسلام وما لا تبصرون يعني جبريل أقسم الله بهؤلاء الأشياء { إِنَّهُ } يعني القرآن { لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } يقول القرآن قول الله نزل به جبريل على رسول كريم يعني محمداً عليه الصلاة والسلام { وَمَا هُوَ } يعني القرآن { بِقَوْلِ شَاعِرٍ } ينشئه { قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } يقول ما تؤمنون بقليل ولا بكثير { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ } يخبر بما في الغد { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } ما تتعظون بقليل ولا بكثير { تَنزِيلٌ } يقول القرآن تنزيل على محمد صلى الله عليه وسلم { مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا } ولو اختلق علينا محمد عليه الصلاة والسلام { بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } من الكذب فقال علينا ما لم نقله { لأَخَذْنَا } لنتقمنا { مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } بالحق والحجة ويقال أخذناه بالقوة { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ } من محمد عليه الصلاة والسلام { ٱلْوَتِينَ } عرق قلبه وهو نياط قلبه { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } يقول فليس منكم أحد يحجزنا عن محمد عليه الصلاة والسلام { وَإِنَّهُ } يعني القرآن { لَتَذْكِرَةٌ } عظة { لِّلْمُتَّقِينَ } الكفر والشرك والفواحش { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } بالقرآن ومصدقين به { وَإِنَّهُ } يعني القرآن { لَحَسْرَةٌ } ندامة { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } يوم القيامة { وَإِنَّهُ } يعني القرآن { لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } حقاً يقيناً إنه كلامي نزل به جبريل على رسول كريم ويقال إنه الذي ذكرت من الحسرة والندامة على الكافرين لحق اليقين يقول حقاً يقيناً أن يكون عليهم الحسرة والندامة يوم القيامة { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } فصل بأمر ربك { ٱلْعَظِيمِ } ويقال اذكر توحيد ربك العظيم أعظم من كل شيء.