{قَالَ يَٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ} على بني إسرائيل {بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} وبتكلمي معك {فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ} فاعمل بما أعطيتك {وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ} بتكليمي معك من بين الناس {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً} نهياً {وَتَفْصِيلاً} تبياناً {لِّكُلِّ شَيْءٍ} من الحلال والحرام والأمر والنهي {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} فاعمل بها بجد ومواظبة النفس {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} يعملوا بمحكمها ويؤمنوا بمتشابهها {سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ} يعني دار العاصين وهي جهنم ويقال العراق ويقال مصر {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي} عن الإقرار بآياتي {ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ} بلا حقّ ويقال سأريكم يا محمد دار الفاسقين دار بدر ويقال مكة {وَإِن يَرَوْاْ} يعني فرعون وقومه ويقال أبو جهل وأصحابه {كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ} طريق الإسلام والخير {لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} لا يحسبوه طريقاً {وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ} طريق الكفر والشرك {يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} يحسبوه طريقاً {ذٰلِكَ} الذي ذكرت {بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} بكتابنا ورسولنا.
{وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ} جاحدين بها {وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} بكتابنا ورسولنا {وَلِقَآءِ ٱلآُخِرَةِ} البعث بعد الموت {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} بطلت حسناتهم في الشرك {هَلْ يُجْزَوْنَ} ما يجزون في الآخرة {إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} في الدنيا ويقولون من الشرك {وَٱتَّخَذَ} صاغ {قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ} من بعد انطلاق موسى إلى الجبل {مِنْ حُلِيِّهِمْ} من ذهبهم {عِجْلاً جَسَداً} مجسداً صغيراً {لَّهُ خُوَارٌ} صوت صاغ لهم السامري {أَلَمْ يَرَوْاْ} ألم يعلم قوم موسى {أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ} يعني العجل بشيء {وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً} طريقاً {ٱتَّخَذُوهُ} عبدوه بالجهل {وَكَانُواْ ظَالِمِينَ} صاروا ضارين لأنفسهم بعبادتهم إياه {وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ} ندموا على عبادتهم العجل {وَرَأَوْاْ} علموا وأيقنوا {أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ} عن الحق والهدى {قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا} فيعذبنا {لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ} بالعقوبة {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً} حزيناً حين سمع صوت الفتنة {قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ} بئس ما صنعتم بعبادة العجل من بعد انطلاقي إلى الجبل {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} أسبقتم بعبادة العجل وعد ربكم {وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ} من يده فانكسر منها لوحان {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ} أي بشعر هارون {يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} إلى نفسه {قَالَ} هارون {ٱبْنَ أُمَّ} وقد كان أخاه من أبيه وأمه وإنما ذكر الأم لكي يرفق به {إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي} استذلوني {وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي} بخلافهم إياي {فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ} فلا تفرح بي الأعداء أصحاب العجل {وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ} لا تعذبني في أصحاب العجل.