التفاسير

< >
عرض

أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً
١١
قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ
١٢
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ
١٤
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
١٥
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى
١٦
ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
١٧
فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ
١٨
وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ
١٩
فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ
٢٠
فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ
٢١
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ
٢٢
فَحَشَرَ فَنَادَىٰ
٢٣
فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ
٢٤
فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ
٢٥
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ
٢٦
ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا
٢٧
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
٢٨
وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا
٢٩
وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
٣٠
أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا
٣١
وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا
٣٢
مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ
٣٣
فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ
٣٤
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ
٣٥
وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ
٣٦
فَأَمَّا مَن طَغَىٰ
٣٧
وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا
٣٨
فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ
٣٩
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ
٤٠
فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ
٤١
يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا
٤٢
فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا
٤٣
إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ
٤٤
إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا
٤٥
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَٰهَا
٤٦
-النازعات

تفسير القرآن

{ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } ناخرة بالية ويقال ميتة إن قرأت بالألف كيف يبعثنا فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلى يبعثكم { قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } رجعة خائبة لا تكون فقال الله { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } نفخة واحدة لا تثنى وهي نفخة البعث { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } على وجه الأرض ويقال بأرض المحشر { هَلْ أَتَاكَ } يا محمد استفهاماً منه يعني قد أتاك ويقال ما أتاك ثم أتاك { حَدِيثُ مُوسَىٰ } خبر موسى { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ } دعاه ربه { بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ } المطهر { طُوًى } اسم الوادي وإنما سمي طوى لكثرة ما مشت عليه الأنبياء ويقال قد طوي ويقال طأ يا موسى هذا الوادي بقدميك لخيره وبركته { ٱذْهَبْ } يا موسى { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } علا وتكبر وكفر بالله { فَقُلْ هَل لَّكَ } يا فرعون { إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } تصلح وتسلم فتوحد بالله { وَأَهْدِيَكَ } وأدعوك { إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } منه فتسلم { فَأَرَاهُ } موسى { ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } العلامة العظمى اليد والعصا { فَكَذَّبَ } وقال ليس هذا من الله { وَعَصَىٰ } لم يقبل { ثُمَّ أَدْبَرَ } أعرض عن الإيمان ويقال عن موسى { يَسْعَىٰ } يعمل في أمر موسى ويقال أسرع إلى أهله { فَحَشَرَ } قومه بالشرط { فَنَادَىٰ } فخطبهم { فَقَالَ } لهم { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } أنا ربكم ورب أصنامكم الأعلى فلا تتركوا عبادتها { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ } فعاقبه الله { نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } عقوبة الدنيا بالغرق وعقوبة الآخرة بالنار ويقال عاقبه الله بكلمته الأولى والأخرى وكلمته الأولى قوله { ما علمت لكم من إله غيري } [القصص: 38] وكلمته الأخرى قوله { { أنا ربكم الأعلى } [النازعات: 24] وكان بينهما أربعون سنة { إِنَّ فِي ذَٰلِكَ } فيما فعلنا بهم بفرعون وقومه { لَعِبْرَةً } لعظة { لِّمَن يَخْشَىٰ } لمن يخاف ما صنع بهم { ءَأَنتُمْ } يا أهل مكة { أَشَدُّ خَلْقاً } بعثاً وأحكم صنعة { أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا } سقفها { فَسَوَّاهَا } على الأرض { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا } أظلم ليلها { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } أبرز نهارها وشمسها { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا } مع ذلك بسطها على الماء ويقال بعد ذلك بسطها على الماء بألفي سنة { أَخْرَجَ مِنْهَا } من الأرض { مَآءَهَا } الجاري والغائر { وَمَرْعَاهَا } كلأها { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا } أوتدها { مَتَاعاً لَّكُمْ } منفعة لكم { وَلأَنْعَامِكُمْ } الماء والكلأ { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } وهي قيام الساعة طمت وعلت على كل شيء فليس فوقها شيء { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ } يتعظ ويعلم الكافر النضر وأصحابه { مَا سَعَىٰ } الذي عمل في كفره { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ } أظهرت الجحيم { لِمَن يَرَىٰ } لمن يجب له دخولها { فَأَمَّا مَن طَغَىٰ } علا وتكبر وكفر بالله هو النضر بن الحارث بن علقمة { وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } اختار الدنيا على الآخرة والكفر على الإيمان { فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } مأوى من كان هكذا { وَأَمَّا مَنْ خَافَ } عند المعصية { مَقَامَ رَبِّهِ } مقامه بين يدي ربه فانتهى عن المعصية { وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } عن الحرام الذي يشتهيه وهو مصعب بن عمير { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } مأوى من كان هكذا { يَسْئَلُونَكَ } يا محمد كفار مكة { عَنِ ٱلسَّاعَةِ } عن قيام الساعة { أَيَّانَ مُرْسَاهَا } متى قيامها إنكار منهم لها { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا } ما أنت وذاك أن تذكرها لهم { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } منتهى علم قيامها { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ } رسول مخوف بالقرآن { مَن يَخْشَاهَا } من يخاف قيامها { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا } يعني الساعة { لَمْ يَلْبَثُوۤاْ } في القبور في الدنيا { إِلاَّ عَشِيَّةً } قدر عشية { أَوْ ضُحَاهَا } أو قدر غدوة من أول النهار.