التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١٠٧
لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ
١٠٨
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠٩
لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١١٠
إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١١١
ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١١٢
-التوبة

تفسير القرآن

{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ } بنوا { مَسْجِداً } عبد الله بن أبي وجد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهم نحو سبعة عشر رجلاً { ضِرَاراً } مضرة للمؤمنين { وَكُفْراً } في قلوبهم ثباتاً على كفرهم يعني النفاق { وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } لكي تصلي طائفة في مسجدهم وطائفة في مسجد الرسول { وَإِرْصَاداً } انتظاراً { لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } لمن كفر بالله ورسوله { مِن قَبْلُ } من قبلهم أبو عامر الراهب الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسقاً { وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا } ما أردنا ببناء المسجد { إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } إلا الإحسان إلى المؤمنين لكي يصلي فيه من فاتته صلاته في مسجد قباء { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ } يعلم { إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } في حلفهم { لاَ تَقُمْ فِيهِ } لا تصل في مسجد الشقاق { أَبَداً لَّمَسْجِدٌ } وهو مسجد قباء { أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ } بني على طاعة الله وذكره { مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ويقال أول مسجد بني بالمدينة { أَحَقُّ } أصوب { أَن تَقُومَ } تصلي { فِيهِ } في مسجد قباء { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ } أن يغسلوا أدبارهم بالماء { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ } بالماء من الأدناس { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ } بني أساسه { عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ } على طاعة الله وذكره { وَرِضْوَانٍ } بنوا إرادة رضوان ربهم وهو مسجد قباء { خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ } بني أساسه وهو مسجد الشقاق { عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ } على طرف هوي وليس له أصل { هَارٍ } غار { فَٱنْهَارَ بِهِ } فغار به يعني بانيه { فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } لا يغفر للمنافقين ولا ينجيهم { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ } بعدما هدمت { ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً } حسرة وندامة { فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ } إلا أن يموتوا { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } ببنيانهم مسجد الضرار وبنياتهم { حَكِيمٌ } فيما حكم من هدم مسجدهم وحرقه بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من غزوة تبوك عامر بن قيس ووحشياً مولى مطعم بن عدي حتى أحرقاه وهدماه { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } المخلصين { أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ } بالجنة { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } في طاعة الله { فَيَقْتُلُونَ } العدو { وَيُقْتَلُونَ } ويقتلهم العدو { وَعْداً عَلَيْهِ } على الله { حَقّاً } واجباً أن يوفيهم { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } ومن أوفر بوفاء عهده من الله { فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ } الله يعني الجنة { وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } النجاء الوافر ثم بيَّن من هم فقال { ٱلتَّائِبُونَ } أي هم التائبون من الذنوب { ٱلْعَابِدُونَ } المطيعون { ٱلْحَامِدُونَ } الشاكرون { ٱلسَّائِحُونَ } الصائمون { ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ } في الصلوات الخمس { ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } بالتوحيد والإحسان { وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ } عن الكفر وما لا يعرف في شريعة ولا سنة { وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } لفرائض الله { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بالجنة.